والبقاع في سائر بلاده أمام السلطان. فتعجب السلطان من علوّ همّته، وبالغ في مدحه ثم قال: قبلناها وبأفضل المنن قابلناها ثم رددناها إليك، متّعك الله بها وبأمثالها.
وهنالك وضعوا المائدة ثم رفعوها وتحول السلطان للحريم الملكي لرؤية شقيقته، وحين وقع نظر الملكة على جمال السلطان أكبّت بوجهها على قدم أخيها، وقالت: قد جعلت كل مالي من خدم وحشم نثارا لركاب المليك، فليتّخذ من هذه المدينة مقاما، وينتظر لطف الفعّال لما يريد ومواتاة الأقدار، فلعل المصلحة كانت في الجلاء [عن الدّيار]: وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ (?).
وقضى الأخ والأخت زمنا في هذه المناصحة والمحادثة، ثم توجّه إلى قصر صغير مخصص للخلوة، فدخلت الطواويس (?) الخضر سافرة لخدمة صقر الفضاء الملكي، فلاحظها بعين القبول، واستراح ساعة مع تلك الفتيات على مخدّة الدّعة ووسادة الرّاحة. ثم انطلق بعد ذلك إلى الحفل، وأخذ يزيل عن حواشي الزمن غبار الحزن بمحاورة الغليظ الرفيع من أوتار النّغم، وأسلم زمام الطبع للمسرة والحبور.
وبعد فترة من الزّمن تحرّكت نفسه للتوجّه إلى أخلاط فيمم وجهه شطر بسيط ذلك البساط.
وحين علم الملك «بلبان» / بيمن قدوم السلطان، أرسل أبناءه وأشياعه للترحيب مسيرة خمسة أيام، وسار بنفسه على الأثر، وجاء مترجّلا في ركاب