حين التقت مواكب هيبة الصّاحب في مدارج التّوفيق بالسّعادات السماوية، وأمسك بالبلاد بكفّ ضبطه وتدبيره، عمد إلى تقسيم أوقاته وتوزيعها، وترتيب لذّاته الجسمانية والروحانية.
كان إذا حلّ الثّلث الأخير من اللّيل جلس على مسند الوزارة (?)، ثم يبدأ الحفّاظ في القراءة بالتّناوب فيتمّون جزءا من الأجزاء الثلاثين بألحان تنعش الأرواح وأصوات تزيل الغمّ والحزن. فإذا ما أذّن المؤذّن: قد قامت الصلاة، أدّاها الأصاغر والأكابر في القصر جماعة. فإذا ما أداها حق أدائها على سبيل الوجوب كان قابض الدّيوان يأتي إليه بالمنشورات والأوامر التي كانت قد كتبت بالأمس، فيطالعها ويصلحها ثم يوقّعها. ثم يأذن للأمراء بالدّخول للسّلام.
ويضع من ثمّ القلنسوة على رأسه، ويلبس أحيانا عباءة صوفيّة مخيطة الذّهب قد بثّت على أرجائها حبّات من نفائس الأثواب العتابيّة والقطنيّة والنّسيج، فيتلفّع بها (?) ثمّ يركب/ ويشرع في التنزّه، ومتى عاد مدّ الخوان السلطاني، ثم أقيم ديوان على أفضل ما يكون من الأبّهة والجلال. فيجلس المترجمون والمنشئون عن اليسار واليمين، كلّ على قدر مرتبته، ويتكئ الصّاحب وحده في ركن من أركان العرش، ويجلس «قراطاي» و «شمس الدين بابا» على ركبتيهما من بعيد في خدمته، ويقف أمير السّيف الذّهبي على الصفّة وقد علّق