حين وقف «الصّاحب شمس الدين» من تلك المكيدة- بمقتضى النّصيحة القائلة: «اللبيب من/ وعظ بغيره» - على خبث عقيدة «أبي بكر پروانه» و «نصرت المجنون»، ولأن الصّاحب لم تكن له صلة قرابة بأحد لا بزوجة أو ابن أو قريب، فقد جعله ذلك كلّه يشعر بخوف دائم من غدرهما ومكرهما في «قونية».
وذات يوم أسرّ بالأمر «لشمس الدين بابا الطّغرائي»، وأخذ يبحث معه عن وسيلة ينير بها- بمصقل تجربته- مرآة فكره التي أصابها الصّدأ. أجاب «الطّغرائي»: فليأمر الصّاحب الأعظم- إن شاء- بإرسال أمر من جناب الوزارة لاستدعاء «شرف الدين محمود» - قائدة قوة أرزنجان- كما يستصدر باسمه منشورا بتولي منصب ملك أمراء الروم، ويبعث بذلك كلّه إليه. وحين يتم حضوره إلى الأعتاب، وتتوالى أنواع الاصطناع من حضرة الوزير، يتعيّن عند ذاك الشّكوى من «پروانه» وأمير العدل، أحيانا بالتّعريض وأحيانا أخرى بالكناية، ويترقّب الصّاحب ماذا يكون جوابه في هذا الصدد، فإن وقع الجواب مطابقا لمصلحة مماليك الصّاحب وإرادتهم، فيجوز عندئذ مصارحته بالأمر، وبهذه الوسيلة يمكن العثور على مخرج ومخلص عن طريقه.
فبدا هذا الرّأي موافقا للصّاحب، وفي الحال كتب أمرا متضمّنا الألطاف متجاوزا الأوصاف، وأرسله إليه خفية على يد «سابق أولاقجي». وما إن طالع [شرف الدين] رسالة الصّاحب حتى التمعت أسارير مسرّته، وولّى وجهه بجمع