لما مني الجيش بالهزيمة، انتهى المطاف بالصاحب «مهذّب الدين» إلى «أماسية» فسمع أن جيش المغل قد أخضع قيصرية عن طريق الحصار، ثم رجع (?) فطلب «فخر الدين» قاضي «أماسية»، وقال له: طالما أن أمر السلطنة قد وصل إلى هذه المنزلة السافلة بسبب حداثة عهد السلطان وجهله، وأن بحر الفتنة- الذي كان يموج ويتلاطم- قد هدأ؛ فإنه لو حدث إهمال في تدارك الأمر، لكان ذلك ضربا من الكفر. والرأي عندي أن الطريق مملوء بالسهام والسّيوف. إلا أنه يتعين علينا أن نتجنب التفكير في العواقب، بل ننطلق في إثر المغل، ونأخذ في طرق باب الصّلح والهدنة.
فاستحسن القاضي ذلك الرأي، وأثنى علي الصاحب ثناء جميلا. وبادر الإثنان- على السّوية- بإعداد الهدايا والتقدمات المتنوّعة ثم وضعا القدم- بفضل الله في طريق الخوف والرّجاء- وانطلقا. وبعثا قبلهما برسل إلى القائد «بايجو»، فأعرب هو غيره من أمراء الجيش عن دهشتهم لتلك البسالة (?) والجرأة.
ثم إنّ الصاحب والقاضي لحقا ببايجو في حدود «أرزن الروم»، وقدّما الحدمات، وأخرجا اليد البيضاء في استعطافه واستمالته، فشملهما «بايجو» بالعطف واللطف وأخذا يتحركان مع جيش المغول كلّما تحرك مرحلة في أثر مرحلة، فلما بلغوا «مغان»، وهي معسكر «جرماغون»، انطلق «بايجو» للمثول