من الروع، ولاذ بالفرار. بينما استنقذ «ناصح الدين الفارسي» نفسه مع عدّة أشخاص من المعركة، وجاء عاري الرأس إلى حضرة السلطان، فرفع حجاب الهيبة والوقار، وقال بمواجهة السلطان كلاما غليظا، حيث قال: هل يمارس أحد سلطة الحكم بمثل هذا الرأي والتدبير، وبمثل أولئك القرناء الدون المدابير، ويذهب لمقاتلة العدو، ويعرّض الملك والملة للتبدد والضياع، ويهيل التراب على رأس الإسلاميين وسائر طوائف الآدميين؟! ثم انطلق من ساعته مع أهله سالكا طريق «حلب».
وحين رأى السلطان أن قضية الهزيمة قد انعكست، ونال الأمراء والجند درجة الشهادة، وضع عباءته على وجهه وشرع في البكاء، وظل راكبا حصانه لا يتحرك حتى صلاة العشاء حتى تم تسريح حرمه ومعظم الخزائن الشريفة إلى «توقات».
وجاء «جاولي چاشني گير» إلى الحضرة فارّا من المعركة [وأخذ يسرد على مسامع السلطان تقريرا عن حالة الفوضى وفقدان الانضباط، وشؤم تعجل ابن مظفر الدين وارتياع ابن شلوه] (?)، وقال السلطان: ما الصواب في رأيك يا أخي (?)؟ أجاب: قد جاوز الأمر الشفة الجافّة والعين الدامعة، إنك لم تكن تلقي بالا إلى كلام المماليك وقت التّدبير فما الذي بقي في هذه الساعة من تدبير؟. قال السلطان: قد عهدت إليك بزمام الملك، فأفعل ما تعرفه وتقدر عليه دون إبطاء أو توان.