ناصر الدين وأتى به إلى ظهير الدين وفي الحال أخلى ظهير الدين المكان ثم قال:
يعلم ذوو الألباب أن تمكّن السلطان بالمال والرّجال والشّوكة والقوّة هو- دون ريب- أكبر وأعظم من سائر ملوك الدّيار، وأنه لا حاجة به إلى هذه القلعة؛ لكن الذي ينبغي أن تعلموه بيقين هو أنّ الجيش طالما جاء إلى هذا الموضع فلن ينصرف حتى ينال مبتغاه، ولو أنّ الأمير فخر الدين سلّم القلعة قبل أن يبادر إلى ذلك شخص آخر، فإن ذلك من شأنه أن يبلغ براية حكمته ذروة المعالي وشرف الشّرف. ويعهد بالمدينة إلى مماليك دولة السلطنة. وأنا ألتزم بالوفاء بكلّ مقصود لديه، وأقسم بالأيمان الغلاظ أن أحقّقه له من حضرة السلطنة (?). ثم إنه سلّم ذلك الشخص خمسين/ دينارا.
فلما أبلغ الرّسول فخر الدين بما حدث، أظهر السّرور البالغ، وأخذ يتأهّب كلّ لحظة. وفي اليوم التّالي جاء الرّسول بالجواب: إنّني لا أجد في تسليم المدينة طريقا سوى أن تحرقوا الباب الحديديّ للسور الموجود على حافّة الخندق، فإذا ما تم ذلك وعملت النار عملها، قمت أنا- في ظلمة من الليل- بإنزال حبال المجانيق، لكي أرفع الجنود إلى أعلى السور، وهكذا يتمّ الفتح. شرط أن يقسم الأمير ظهير الدين على الاتّفاق الذي يقترحه والوعد الذي يلتزم به (?)
فأقسم الأمير ظهير الدين في الحال- وهو واضع يده على المصحف- أنّه لابد أن يفي بما يقول، وألا يلفّ أو يدور حول التأويل والتبديل، وألا ينقض حبل الميثاق وينكثه بأيّ وجه من الوجوه، وأن يفي بمرادات الديناري بكلّ عناية