وحين عاد أمراء الرّوم إلى خيامهم بعد وداع عساكر الشّام، قالوا: لئن كان أمراء الشّام قد استولوا على «حرّان» بالحيلة فسوف يلحقنا أكبر الشين وأعظم العار إن رجعنا- بجمعنا الكبير هذا- دون أن ننجز عملا. ويحسن بنا أن أن نتّجه إلى «آمد» فلعلّ الله ييسر لنا فتحها.
وكتبوا بهذا المعنى مكتوبا إلى حضرة السلطنة، وطلبوا مددا من الجند ومعدات القتال، فندب السلطان في الحال «چاولي چاشني كير» مع «يوتار چاشني كير» سوباشي (?) نكيسار، مع سائر عساكر ولاية «دانشمند» (?)، وأمرهم بالإسراع في المسير، فلحقوا بباقي الجند في أيام قلائل، وباشروا الحصار.
وذات يوم عند غلبة الهاجرة، كان «فخر الدين ابن الدّيناري» - حاكم قبائل الأكراد- جالسا على طرف السّور، فسار «ناصر الدين أرسلان بن قيماز»، نائب ظهير الدين بمحاذاته، وألقى عليه السلام وسأله عن الأحوال، ثم قال: إلى متى يتحمل سيدي مكابدة الحصار وعناء القتال والنّزال، إن لدى الأمير ظهير الدين كلمات يريد أن يفضي بها إليك. فأجاب: سأرسل لكم بعد صلاة العشاء رجلا ثقة شكله كذا وهيئته كذا من باب «الماء»، لكي يسمع ما يقوله ظهير الدين ويبلغه إليّ.
وفي الوقت الموعود برز من البوّابة شخص في زيّ فقراء [الصّوفية]، فأخذه