سنحت «لكوبك» الفرص في أثناء غيبة الأمراء، فملأ وعاء غضب السلطان بما بدر من الأتابك «شمس الدين ألتونبه» من مساوئ، وكسب كوبك إلى صفّه في هذا المسعى «تاج الدين پروانه». وما ذلك إلّا لأنّ شمس الدين كان يطلق لسانه في بعض الأوقات قائلا: لابد من إبعاد هذا الكلب عن الحضرة وإلّا أصاب كلّ إنسان بجراحات. وكان الأمير «كمال الدين» يحول دون تنفيذ هذا الأمر.
وذات يوم كان ديوان السلطنة مزدانا بأركان الدّولة، وأخذ «شمس الدين ألتونبه» يختال على أكابر رجال الديوان. فخرج «تاج الدين پروانه» و «كوبك» من عند السلطان، فوثب «كوبك» وقد أدخل خاتم السلطان في إصبعه/ فأمسك بشيبة «شمس الدين ألتونبه» البيضاء، وأخرجه من صفّ الأكابر وسلّمه لأحد الحرّاس لكي يذهب به إلى الخارج ويقتله شهيدا. ولم يجرؤ أحد على أن ينبس ببنت شفة.
قال الصّاحب شمس الدين [الإصفهاني] لكمال الدين كاميار: إن لم نتدارك هذا الأمر سيتجرّأ كوبك ويصل شرّه إلى الآخرين، وينبغي الحيلولة دون هذه السّياسة. لكنّ كمال الدين لم يعبأ بالأمر، ولم يجد من المصلحة أن ينطق الصّاحب عن كوبك بكلمة واحدة. وراجت منذ ذلك اليوم سوق وقاحته، ثمّ إنه قلب «لتاج الدين پروانه» ظهر المجن، وأخذ يسعى سّرا وجهرا للقضاء عليه.
ولذلك أبعد الأمير تاج الدين نفسه عن السّاحة، وطلب الإذن بالانصراف، وانطلق إلى «أنكورية» - وكانت إقطاعا له- وظل هناك يمضي وقته ويشغل نفسه باحتساء المدام وبذل الإنعام على الخاصّ والعامّ.