وفي اليوم التّالي دخل جند كثيرون من الجانبين كطلائع، وأخذوا يجولون طيلة الليلة في الجبل والوادي، فلما تفرّق جيش الهند (?) من جديد، ونزل ملك النجوم في ميدان الإقليم الخامس، رأى كلّ جيش غريمه فجأة، فاصطفّوا وهجم الخوارزميون أوّل الأمر، فجعلوا من نصال السهام ما يشبه الفكر حين دفعوها إلى ضمائر الصّغار والكبار، وأخذ الرّسل يطلقون هنا وهناك صواعق السّهام والمعابل مزوّدة بريش العقبان حتى أبلغ خبر شدّة القوس وقوّة سواعد الأبطال الرّنين بلسان مبين لمسامع الخصوم خفاف الحركة وفرسان تلك الميادين.
فثبت جيش الملك «كثهلان» (?) و «حراء» للأمر، وحين مالت ريح صولتهم للرّكود، جرّد الجند مرهفات السّيوف وحرّروا مثقبات الرماح، وهجموا عليهم دفعة واحدة كنوازل الأقدار، فأطاحوا بكل من لحقوا به، ولعبوا الكرة في ميدان المعركة بجماجم تلك الطائفة، كما قذفوا بقلانس السّعادة إلى أجواء الفلك. وتبدّل إقبال الخوارزميين إدبارا والكر انكسارا والهجوم فرارا، وأخذ جندهم من راكب وراجل يتعثّرون ويتساقطون، وقد عزموا على الفرار وتولية الأدبار (?). وأهرق دمع العين على فراق الرّوح، واتّصف ملك الأرواح بصفة