والمسلمين، فلك المعالي شمس الأعالي، ظل الله في العالمين، افتخار آل سلجوق ملك الملوك والسلاطين، برهان أمير المؤمنين، دام ساميا وبحمى الملوك حاميا، استبدّت بي الرّغبة في إحراز سعادة الاجتماع، ونازعتني نفسي إلى إدراك كرامة اللّقاء، وهو رهن بمواتاة الحظّ ومساعدة الزّمان على النّحو الذي لا يمكن تقريره بالكتابة مهما كان القلم حادّا وسيّالا/: «الخطّ ما يغني بما لا ينفذ».
ولئن كان تعبير الزّمان وتقلّب الأدوار قد سدّ من قبل هذا باب المكاتبة والمراسلة الذي يسلو به الأصدقاء وقت الهجر والفراق، فمن الآن فصاعدا يجب بذل ما في الوسع لرفع حجاب المغايرة والغربة، وفتح باب المودّة، والاتّحاد، فيتّخذ الجانبان شعارا من قول القائل:
«تمسّك إن ظفرت بودّ حرّ ... فإن الحرّ في الدنيا قليل»
إذ المشاركة في مشايعة سنّة الجهاد والمحاربة أمر ثابت بحمد الله ومنّه، والمساهمة في توفيق الدّين والملّة أمر حاصل: «وأولى الناس بودّك وخلّتك من وافقك في دينك وملّتك».
فمن جهة سلاطين المغرب فإن ذلك المجلس السامي، دام ساميا، واسطة سدّ الثغور، وقمع أهل الكفر والفجور. ومن جهة ديار المشرق، فنحن نعمل بدورنا لإطفاء نار فتن الكفّار بالسّيف البتّار، إذن- ومع وجود العديد من القرائن من نفس الجنس- لو لم نفتح طريق المباسطة ونصبح متشاركين متشابكين في جذب المنافع ودفع المضار:
«فأي النّاس نجعله صديقا ... وأي الأرض نسلكه ارتيادا»