من أسرى الفرنج وكفّار تلك الدّيار، ووقف بحذاء القلعة. فلما شاهد أهلها تلك المحنة من عل استبدت بهم الحيرة وركبهم الاضطراب.

وأمر الأمير مبارز الدين بإقامة الحفل، فتغنّى المطربون بمقدّمة رائعة في زوال نوبة دولة الكفار، وشنّفوا الأسماع بشجاعة أبطال الحرب بأحلى نغم وأصدق قول.

وفي الصّباح نزل أحد القساوسة من القلعة وقد تخضّبت عيناه بالدماء، وقبّل الأرض أمام قائد جيش السلطان وقال: قد بقينا جميعا عاجزين عن العمل، ونثرنا نقد العمر في ريح الخيبة من تعب الحصار، لقد سعيت ورأسي بين كفّيّ إلى القائد، لأنظر ما هو صانع.

فقال الأمير مبارز الدين: لا ذنب لكم في الأمر، وإن كنتم تبغون صلاح أمركم فيتعيّن عليكم أن تتركوا السلاح وذخائر القلعة حيث هي، وتحملوا كل أمتعتكم الشّخصية وترتحلوا إلى حيث تريدون، ولتكونوا آمنين من ناحية الجيش.

فطلب القسّيس الحجّة على ذلك، فكتب في الحال كتاب الأمان. فأخلوا الحصن، ونصبت راية السلطنة على شرفات القلعة بالظّفر والبهاء.

وكتبت في الحال رسالة مشتملة على كسر الأعداء وخفض عيش سائر الجند، ورفع لواء السعادة، وضمّ تلك القلعة إلى سائر الممالك. وذكر الأمير فيها أنّ المعاقل والحصون في هذه المناطق كثيرة، والأمل أن يتيسر فتحها جملة،/ لكن لا بدّ من إرسال المعدّات والأسلحة.

وما إن انطلق الرسول، حتى وصل مبعوثو ليفون فجأة، وعبّروا عن الذلّ بألف ضراعة قائلين: إن كان السلطان يعاقب على قدر الجرم، فحسب هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015