ملك الأمراء بأن يلبس الجند بأسرهم السلاح، وجلس هو مع القادة أمام خيمة القيادة، فاندفع النّاس صغيرهم وكبيرهم/ من باب المدينة، واختلطوا [بالجند] كما يختلط الذّئب بالحمل لعدل ملك الأمراء. وقدّمت الهدايا، وصاح قادة السّرايا: ليرفع سائر الجند يد التّنغيص والشّحناء عنهم من الآن فصاعدا.
ثم أمر ملك الأمراء بتجهيز سفينة سريعة للغاية- كانت تسبق القمر في السير- لكي تقلّ أخماس الخاصّ السلطاني مع الهدايا الأخرى في صحبة رسول قد تحلى بآداب خدمة الملوك برسالة مشتملة على ذكر كل ما جرى من أحوال.
فلما وصل الرّسول إلى الدّيوان وأبلغ البشارة بفتح «السّغداق» وكسر جيش «القفجاق» ومهادنة ملك الروس، أمر السلطان وهو يشعر بارتياح بالغ بأن يطلق سراح المسجونين، كما أمر بتسليم ذلك التّاجر [الذي كان قد سبق له أن استغاث واستعدى، والتمس العون من عدل السلطان ومرحمته] (?) إلى الرّسول. أمّا الرّسالة التي كتبت لملك الأمراء فقد اشتملت على شكر المساعي الجميلة التي تجلّت من جانبه هو والعساكر في تلك المعركة. ثم إنه سيّر الرّسول بالخلع السلطانية التي تم إعدادها لملك الأمراء وسائر القادة من خزانة ثياب السلطنة.
وقال السلطان: قد تجاوزنا بشفاعة ملك الأمراء عن سفاهة السّغديين، ومنحناه ما اقترفوه من ذنب، لكن بشرط أن يحلّ المحراب والمنبر وشريعة النبي عليه الصلاة والسلام شعارا وقانونا عوض الوثن والنّاقوس، وأن يرّدوا ما قد أخذوه من تجّار الديار. فإن هم أدّوا هذه المهمات على الوجه الأكمل، يعود ملك الأمراء بالجيش في حفظ الله العادل.