جرائمنا وزلاتنا أقصى الغايات، لكن الأمر يسهل علينا إن جعلنا لطف ملك الأمراء لنا شفيعا، فالواجب عليه في هذا الاقتدار الاقتداء بمالك ذي الفقار (?) حيث يقول: «إذا قدرت على عدوّك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه»، سوف نقدّم كل ما يأمر به من خراج، ونؤدي كل ما يفرضه علينا من جزية (?)، ونتحمل غرم أموال التّجار التي ضاعت في هذا السّاحل، ونبادر بطاعة كل من يسمّيه لإمارتنا وخدمته عن صدق نيّة وإخلاص طويّة.
حين رأى ملك الأمراء ذلك التضرّع قال: ما تسبب في حدوث هذه الواقعة إلا شؤم رأيكم وسفاهة الشباب الذين سقطوا بصحراء الملحمة «كلحم على وضم» (?) فعليكم بالانتظار الآن حتى أبعث واحدا من الأعيان لحضرة السلطان، وأتشفّع لديه كي يمنّ عليكم، فإن فعل أمنتم من جور دورة الفلك الجافي، وما وقعتم بعد ذلك أسرى لمثل هذه المحنة، بل لن تروا بعد من أذى أبدا.
فلمّا تبدّت للرّسل ألطاف ملك الأمراء من خلال تلك الألفاظ آبوا إلى المدينة سعداء، وقصّوا على أهلها ما كانوا قد رأوه وسمعوه، وظلّوا الليل بطوله:
كل من كان لديه شىء أتى به؛ فجمعوا خزانة هائلة من كل نوع من النّاطق والصّامت والصّاهل والنّاطق (?).
وعند الفجر حين أطفئ قنديل القمر، وأشعل شمع الخميلة الزّرقاء، أمر