القتال، نصب جماعة على أعمال المجانيق، واستعدّ بنفسه للقتال مع الأمراء والأجناد، وقدم إلى الصّحراء في مواجهة الأعداء.
وفي اليوم التّالي انطلق الجيشان للمواجهة، وجاء عند ذاك مدد قوامه ستّة آلاف فارس من «آمد» فاختلطوا بعضهم ببعض، فأرسل الأمير مبارز الدين جانبا من/ الجيش [للحراسة] في طريق القلعة، وانطلق بنفسه مع خمسة من الإخوة- وهم من عرفوا بأولاد «فردخلا» وكانوا قد وصلوا لتوّهم من ولاية «لشكرى» - لمواجهة الشاميين. فبادرهم الشاميّون بالهجوم عدّة مرات لكنهم ثبتوا كالجبال الرّواسي. ثم إنهم حملوا حملة واحدة وقتلوا مقتلة عظيمة من جند العدوّ، وأسروا «عز الدين بن البدر» قائد الجيش، ووجّه الباقون مذعورين حيارى وجوههم كلّ واحد إلى ناحية وولوا الأدبار.
فلمّا جيء بابن البدر إلى خيمة الأمير مبارز الدين، قابله بكلّ احترام. ثمّ إنه سارع في تلك الحميّا (?) صوب القلعة فلمّا شاهد أهل القلعة ما حدث بلغ نواحهم الأمان عنان السّماء، فنزل جماعة منهم أسفل القلعة، وطلبوا خطّا بالأمان لكي يسلّموا القلعة، فاستمالهم الأمير مبارز الدين وأزال بمصقل اللّطف ما ران على خواطرهم من صدأ المحنة، وأقسم على مشهد من صاحب القلعة قائلا: أنا جاولي وهذا الجيش [وبقيّة أمراء السلطان وعساكره]؛ طالما أنّ أهالي القلعة قد ساروا في طريق الانقياد والإذعان وأنهم سيسلّمون القلعة لمماليك السلطان، فلن يحلق بهم ضرر صغر أم كبر، وسوف أحقّق لهم كلّ رغبة يريدونها من حضرة السلطان، وإن أرادوا الرّحيل بأموالهم وأمتعتهم فلن أمنعهم.
فإنّ غرض سلطان العالم هو القلعة فحسب.