وفي النهاية أمسك النحس المصاحب لإخفار العهد بتلابيب آمالهم، فسلكوا طريق الهزيمة: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (?) حسم أمير المجلس الأمر بثلاثة آلاف فارس، ولم تعد هناك حاجة إلى [تحرّك] (?) بقية الجيش. فقرأ أمير المجلس قول الحق تعالى وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ (?) وعاد إلى حضرة السلطان، فرفع السلطان منزلته عن كافة الأمراء، وخلع ما كان يلبسه وألبسه له.
/ حظي الجيش تلك الليلة بالرّاحة من تعب الحرب، وعناء الطّعن والضّرب، وعند الفجر تحرّك الجيش كلّه- كأنّه ريب المنون- في الجبل والصّحراء لطلب ليفون، وأخذوا يركضون يمينا ويسارا، وما عثروا على أحد إلا جعلوه قتيلا أو أسيرا للقيد والتّنكيل. واستمرّت الغارة في ولاية الأرمن على هذا النّحو أسبوعا. وفي اليوم الثّامن قفلت العساكر راجعة من أطراف ولاية الأرمن بالكثير من الغنائم ومن بينها الخيول والبغال والأسرى، وعلم أن ليفون قد لحق ببعض الحصون.
وبعد أن صار الجيش منصورا والعدوّ مقهورا والمخالف محصورا اتجه السلطان بالجيش إلى الممالك المحروسة بغنائم ليس بوسع ظهر الأرض حملها، حتى بلغ ثمن رأس الماشية في «قيصريّة» درهمين، وثمن خمسة أو ستّة من الأغنام درهما واحدا، على حين بلغ ثمن الغلام والجارية الأرمنيّة البهيّة الطّلعة خمسين.
وبحصول المراد أذن السلطان للأمراء والأجناد بالانصراف، وأقام بنفسه في قيصريّة.