وفجأة رأوا شخصا قد ارتقي تلا وقد أحاط به الكفّار من كل جانب فألقوا جميعا بأعنّة خيولهم دفعة واحدة، وعمدوا إلى تشتيت الكفّار الذين كانوا قد أحاطوا به وتبديدهم، وسحبوا حصانا وأركبوا أمير المجلس، فلما لحق بجنده رآهم قد اصطفّوا للقتال.
ولما كان قد اطّلع على مزاج حال الكفار/ خاطب السلطان قائلا: لقد وقف المملوك وقوفا كاملا على قوّة الجيش الأرمنيّ وشوكته، فليأمر سلطان العالم بأن تتّجه القوات- التي قد ركبت بالفعل- للقتال على هذه الهيئة.
فصدر أمر حضرة السلطنة.
فانقلبوا جميعا في الحال صائحين كالرّعد، وعمّ الهياج البحر. واصطفّت كلّ فرقة في صحراء النّزال كجبل حديدي وبحر نارىّ، ووجّهوا وجوههم- وكلّ منهم يرغي ويزبد- إلى الخصوم كأنهم الحظّ المشئوم. وجاء ليفون بدوره- وبما كان قد أجراه من حشد وتعبئة- بالفرسان والمشاة بمحاذاة الكماة من جنود السلطان. ودعا «ليفون» البارون «فاسيل» والبارون «أوشين» و «كندصطبل» إلى التقدّم بعد أن كانوا خلف الفرسان وأمام المشاة.
وفي الهجوم الأول، أطاح أمير المجلس بكند صطبل- وكان مشهورا بالشجاعة والصّرامة- على الأرض بطعنة من رمح، وأمر الأمير بوضع قيد في رقبته وسلّمه لأحد الفرسان قائلا له: اذهب عند السلطان وقل إنني أوقعت به.
وفعل مع البارون أوشين، ونوشين الفعل نفسه واللعبة المتقدّمة ذاتها، وسلّم هذين الشخصين بدورهما إلى اثنين من الفرسان فحملوهما إلى حضرة السلطان في قلب الجيش، فأمر بخلعة ثمينة للفرسان الثلاثة.