والمحلب واللبان والمسك والعنبر. ويردّد ذلك بصوته فيرجّعه.
فكان النّساء يستمعن إليه ويشرفن من المطالع ويتبعن الأبواب حتّى تصل عيونهنّ إلى النّظر إليه لو أراد الجماع لكفتهن الآذان وربما اشترين منه ما لا يحتجن إليه. قال: فقلت له: يا أبا وائل، فإنّك قد انعم الله بشيءٍ كنت تمنعه! قال: جعلت فداك، إنّما أمنع منعي لنفسي لئلاّ يسمعه من في منزلي. فإنّ النّساء أسرع شيءٍ ذهاب قلوبٍ إلى النّغمة الحسنة، فإن كان معه حسن وجهٍ برئت المرأة من الله أن لم تحتل في صرف قلبه إليها، ويصير الزّوج قوّاداً. قلت: لا، ولا كلّ هذا! قال: فأسألك ألا سألته أن يستعمل هذا الكلام مرّةً أو مرّتين أو ثلاثاً في غير هذه السّكّة. فذهبنا به إلى غيرها وجعل العطّار ينادي فما أتمّ الثّالثة حتّى تحرّكت أكتافي له طرباً وجعلت لا أمرّ ولا آجي لمّا سكرت من حسن صوته. فقال: كيف تراه؟ قلت: أراه يستولي على قلوب الرّجال. قال: فكم قلب الرّجل على ترك التّهتك من قلب المرأة؟ هذا إذا كانت بلغت من السّنّ مبلغاً ونقضت شهوتها فأمّا إذا كانت شابّةً ولها فضل جمالٍ، ومعها شدّة شهوةٍ، وكثرة لذّةٍ، وهي ذات حاجة، وخالية الذّرع من الفكرة في المعاش، وخالية القلب، وقد أمنت ضرب الزّوج وتطليقه، وغيرة الأخ، وقلّة صيانة الأب، وأصابت من يشجّعها على فعلها، ويفتح لها أبواب نظرتها، ويسعى لها في طلب الصّدّيق، ويحرّضها على التّهتّك، وقد قرب منها الصّوت، وخلت من الرّقيب، ولم يكن لها في الأرض أشرافٌ، ولا أهل عفافٍ،