فسمعت به امرأته، فأخذت شفرةً فأتته حين قام وقالت له: أفعلتها يا ابن رواحة؟ فقال: ما فعلت شيئاً. فقالت: لتقرأن قرآناً، وإلاّ بعجتك بها. قال: ففكّرت في قراءة القرآن وأنا جنب فهبت ذلك، وهي امرأةٌ غيراء في يدها شفرةً لا آمن أن تأتي بما قالت. فقلت:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا أنشقّ معروفٌ من الصّبح ساطع
أرانا الهدى، بعد العمى، فقلوبنا ... به موقناتٌ، أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه، ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
قال: فألقت السّكّين من يدها، وقالت: آمنت بالله، وكذّبت البصر. قال: فأتيت النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، فأخبرته بذلك، فضحك وأعجبه ما صنعت.
وكان بعض العلماء لشدّة شهوة الباه في قلوب النّساء، وتمكّنه فيهنّ، وشدّة غيرته، يقول: ليس المصيبة في معاتبة الرّجل المرأة، إنّما المصيبة في معاتبتها إيّاه. فإنّها إن نظرت إليه ووقع بقلبها موقع حظوةٍ لم يلبث أن تصير في يده، وتبعث الرّسائل والأشعار والتّحف.
قال إسحاق: رأيت رجلاً بطريق مكّة، تعادله في المحمل جاريةٌ قد شدّ عينيها والغطا مكشوف، ووجها بادٍ، فقلت له في ذلك. فقال: إنّما أخاف عليها من عينيها، لا من عيون النّاس.