أنت؟ قلت: من بني أميّة. قالت: مرحباً بك، أنزل، فأنا امرأةٌ من أهلك. فأنزلتني أحسن منزلٍ وبتّ أحسن مبيتٍ.
فلمّا أصبحت قالت: إنّ لي إليك حاجة. قلت ما هي؟ فأشارت إلى ديرٍ، وقالت: إنّ في ذلك الدّير ابن عمّي، وهو زوجي، وقد غلبت عليه نصرانيّةٌ في ذلك الدّير، فتمضي إليه وتعظه. فخرجت حتّى انتهيت إلى الدّير، فإذا برجلٍ في فنائه من أحسن الرّجال وأجملهم. فسلّمت عليه، فردّ وسأل. فأخبرته من أنا، وأين بتّ، وما قالت المرأة. فقال: صدقت، أنا رجلٌ من أهلك من أهل الحارث بن الحكم. ثمّ صاح: يا قسطا. فخرجت إليه نصرانيّةٌ عليها ثياب حبرات وزنانير ما رأيت قبلها ولا بعدها أحسن منها. فقال: هذه قسطا، وتلك أروى، وأنا الذي أقول:
وبدّلت قسطا بعد أروى وحبّها ... كذاك لعمري يذهب الحبّ بالحبّ
وما هي أما ذكرها بنبطيّةٍ ... كبدر الدّجى أوفى على غصنٍ رطب
قال الزّبير بن بكار: حدّثني عبد الملك بن عبد العزيز قال كانت بنت أبي عبيدة بن المنذر بن الزّبير عند أبي بكر بن عبد الرّحمن من محرمه وكان يخدمها وكانت ذات مالٍ، ولا مال له. وكانت تضنّ عنه، فخرج يريد الشّام بطلب الرّزق، فلمّا كان ببعض الطّريق رجع فمرّ بجلسائه بالمصلّى فقالوا: زاد خير. ثمّ دخل عليها فقالت له: أبخيرٍ رجعت؟ فقال لها:
بينما نحن من بلاكث فالقا ... ع سراعا، والعيش تهوي هويّا،