الحيوان أنثى في صدرها ثديٌ إلاّّ المرأة والفيلة، وكذلك الرّجل. والعرب تمدح الرّجال والنّساء بطول الأعناق. قال الشّاعر:
ومن كلّ شيءٍ قد قضيت لبانتي ... سوى ضخم أعجازٍ ثقال الرّوادف
وهصري أعناقاً تلين وتنثني ... كما كان خيطان الأراك الصّعائف
وقيل لإبراهيم بن النّظام: أيّ مقادير الثّدي أحمد؟ قال: وجدت النّاس يختلفون في الشّهوات، وسمعت الله تبارك وتعالى حين وصف حور العين جعلهنّ كواعب أتراباً. ولم يقل فوالك ولا نواهد. وقالت العرب: يسار الكواعب. ولم تقل يسار النّواهد ولا يسار الفوالك.
ولم أرهم يختلفون في مدح عظم الرّكب كما اختلفوا في مقادير النّدي في طول الأعناق. يقول الشّمردل.
ويشبهون ملوكاً في مهابتهم ... وطول أنصبة الأعناق والأمم
وقال آخر:
طوال أنصبة الأعناق لم يجدوا ... ريح الإماء إذا راحت بأذفار.
وهوة حسنٌ ما لم يطل جدّاً، فإذا أفرط كان عيباً. كما عيب بذلك واصل بن عطاء رئيس المعتزلة فسمّي عنق نعامة، وعيب بذلك جعفر