قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: كان ابن زهير المدايني مخنّثاً، وكان يؤلّف بين الرّجال والنّساء، وكانت له قبّة خضراء وكان فتيان قريشٍ يقولون من يدخل قبّة ابن زهير لم يصنع في الفتوّة شيئاً.

قال: فواعد رجلٌ صديقةً له إلى قبّة ابن زهير فجاءت بعد العتمة، وجاء الرّجل، فتعشيّا، فقالت المرأة: أشتهي نبيذاً. فقال صاحبها لابن زهير: أطلب لنا نبيذاً. قال: من أين لنا في هذه السّاعة؟! قال: لا بدّ منه. فلمّا ألحّ عليه عمد إلى حضضٍ فضربه بماءٍ وصيّره في قنّينةٍ ثمّ جاءه به فقال: والله ما وجدنا غير هذا فصبّ الرّجل منه في قدحٍ فذاقه فوجده مرّاً فكره أن يعيبه فيكرهه إليها فشرب ثمّ صبّ فسقاها. فلمّا صار في بطنه تحرّك. فقال لابن زهير: أين المخرج، فصعد إلى أن حرّكها بطنها فصعدت إلى أن تحرّك بطنه فصعد، فلم يزالا كذلك ليلتهما. فقال ابن زهير: امرأته طالقٌ إن كانا التقيا إلاّّ على الدّرجة حتّى أصبحا ممّا يختلفان، وجاء الصّبح ولم يقضيا حاجةً لأنّهما يطلبان النّبيذ في منزل ابن زهير القوّاد بعد العتمة.

وكان جميل أيضاً لما اشتهر في بثينة توعّده أهلها، فكان يأتيها سرّاً فجمعوا له جميعاً يرصدونه، فقالت بثينة: يا جميل، احذر القوم. فاستخفى وقال في ذلك:

ولو أنّ ألفاً دون بثينة كلّهم ... غيارى وكلّ حارب مزمعٌ قتلي؟

لحاولتها، إمّا نهاراً مجاهراً ... وإمّا سرى ليلٍ وإن قطّعوا رجلي.

فالتقى جميل وكثيّر فشكا كلّ واحدٍ منهما إلى صاحبه أنّه محصورٌ لا يقدر أن يزور. فقال جميل لكثير: أنا رسولك إلى عزّة. قال: فأتهم فأنشدهم ثلاث نوقٍ سودٍ مررن بالقاع، ثمّ احفظ ما يقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015