على غير ذنبٍ أن أكون جنّيّته ... سوى قول باغٍ جاهد فتهجّدا
وبلغت الأبيات مرثداً فكشف عن الأمر حتّى تبين له، فطلّق امرأته وعاد على ما كان عليه لابن أخيه.
وذكر هشام بن محمّد الكلبي، عن الحصين بن لبيد قال: كان الحطيئة نازلاً في بني المسند من بني ضبّة فرأى لبنة بنت قرطة أخت العلاء، وكانت فاسدةً، فأعجبته فكلّمها فأجابته، فوقع عليها، فحملت منه. ثمّ ارتحل الحطيئة، فلمّا بان حملها، زوّجها العلاء بن غالب بن صعصعة فولدت الفرزدق على فراشه فنسب إليه. ففي ذلك يقول جرير بن الخطفي.
كان الحطيئة جار أمّك مرّةً ... والله يعلم شأن ذاك الجار
لا تفخرنّ بغالبٍ ومحمّدٍ ... وافخر بعبس يوم كلّ فخار
قال: وقدم الفرزدق على عمر بن عبد العزيز، وهو أمير المدينة، فأكرمه وأحسن ضيافته. فبلغه أنّه زانٍ أن يختبر ذلك، فقال لجاريةٍ له: انطلقي إلى الفرزدق، وعمر في حجرةٍ له ينظر ما يصنع الفرزدق، فأتته الجّارية بالغسل والدّهن، وذهبت لتغسل رأسه، فوثب عليها فركضته وقالت: لعنك الله من شيخ. ثمّ خرجت فأتت عمر فأخبرته فنفاه من المدينة. وقال جرير:
نفاك الأعزّ بن عبد العزيز ... وحقّك تنفى من المسجد