الرّجل يلقى أخاه فيقول له: والله لقد أتاني آتٍ فذكر لي شيئاً كبيراً علينا. فأخبر بعضهم بعضاً بما قيل لهم، فأتوا إلى الرّاهب فقالوا: ما فعلت أختنا؟ قال: خرجت، ولست أدري أين ذهبت. فرفعوا ذلك إلى ملكهم، فسار إليه النّاس حتّى استنزلوه من صومعته، فأقرّ لهم بالذي فعل، فأمر به فصلب على خشبةٍ، وتمثّل له الشّيطان فقال له: أنا الذي زيّنت لك هذا وألقيتك فيه، فهل أنت مطيعي فيما أقول لك وأخلصك؟ قال: نعم. قال: تسجد لي سجدةً واحدةً فسجد له الرّجل، ثمّ قتل. فهذا داخلٌ تحت قول الله عزّ وجل: " كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان أكفر فلمّا كفر قال إنّي بريءٌ منك إنّي أخاف الله ربّ العالمين ". ولم تزل أشراف العرب في الجاهليّة يتجنّبون الزّنا ويذمّونه، وينهون عنه.
وروى هشام بن عروة عن أسماء بنت أبي بكر الصّدّيق، رضي الله عنه، قالت: سمعت زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهليّة وهو مسندٌ ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريشٍ إيّاكم والزّنا، فإنّه يورث الفقر.
وفي وصيّة دريد بن الصّمة: إيّاكم وفضيحة النّساء فإنّها عقوبة غدٍ، وعار أبدٍ، يكاد صاحبها يعاقب في حرمه بمثلها، ولا يزال لازماً ما عاش له عارها.
وحكى بعضهم قال: وفد عبد المطّلب بن هاشم على بعض ملوك حمير فألطف منزلته وأكرمه. وكان تامّاً جميلاً، فقال له الملك: يا أبا الحارث، أحبّ أن ينادمني ابنك. فأذن له أبوه في ذلك. وكان