يا أمير المؤمنين إنّ فيه شيئاً من أمور النّساء. فقال: ما أريد غيره. قالت فهو لك.
قال فأمر به فحمل، ودعا بغلامين وأمرهما أن يحفرا حتّى وصلا إلى الماء ثمّ وضع فمه في الصّندوق وقال يا صاحب الصّندوق قد بلغنا عنك شيء فإن كان حقّاً فقد دفنّا خبرك، وإن كان كذباً فما أهون علينا، إنّما دفنّا صندوقاً. وأمر بالصّندوق فألقي في الحفيرة، وأمر بالخدّام الذي عرفه فقذف معه، وردّ التّراب عليهما. قال فكانت أمّ البنين لا ترى إلاّّ في ذلك المكان تبكي إلى أن وجدت ذات يومٍ مكبوبةً على وجهها ميّتة.
وروي عن أبي نواس قال حجبت مع الفضل بن الرّبيع فلمّا كنّا بأرض فزارة أيّام الرّبيع، نزلنا منزلاً بفنائهم ذا أرضٍ أريضٍ، ونبتٍ غريضٍ، وقد اكتست الأرض نبتها الزّاهر، وبرزت براخم غررها والتّحف أنوار زخرفها الباهر ما يقصر عن حسنه النّمارق المصفوفة، ولا يداني بهجته الزّرابي المبثوثة. فزادت الأبصار في نضرتها، وابتهجت النّفوس بثمارها. فلم نلبث أن أقبلت السّماء بالسّحاب، وأرخت عزاليها ثمّ اندهمت برذاذٍ ثمّ بطشٍ ثمّ بوابلٍ حتّى إذا تركت الدّيم،