هذا الحصن. فضمن لها ذلك فأرسلت إليه: أن أنثر في الثّرثار تبناً واجعل الرّجال يتبعونه حتّى يروا حيث يدخل. فإنّ ذلك المكان يفضي إلى الحصن، وفيه بابه. ففعل ذلك سابور، وعمدت النّضيرة إلى أبيها فسقته الخمر حتّى أسكرته، فلم يشعر أهل الحصن إلاّّ وسابور معهم وهم آمنون.
قال: فلمّا ظفر سابور بالحصن، وقتل الملك أبا نضيرة، وجمع جنده، تزوّج بالنّضيرة فباتت معه مسهرةً لا تنام تتقلّب من جنبٍ إلى جنب. فقال لها سابور: ما لك لا تنامين؟ فقالت: إنّ جنبي تجافى عن فراشك. قال: ولم، فوالله ما نامت الملوك على ألين منه ولا أوطأ، وإنّ فرشه لزغب اليمام. فلمّا أصبح سابور نظر إلى ورقة آس بين أعكانها، فتناولها، فدمى موضعها. فقال لها: ويحك بماذا كان أبوك يغذّيك؟ قالت: بالمخّ والزّبد والبلح والشّهد وصفو الخمر. فقال لها سابور: إنّي لجديرٌ أن لا أستبقيك بعد إهلاك أباك وقومك، وكانت حالك عندهم هذه الحالة التذ تصفين، وأمر بإحضار فرسين فربطت إلى أرجلهما بغدائرها ونفّرا فقطعاها نصفين، فذلك قول عدي حيث يقول:
والحصن صبّت عليه داهيةٌ ... من قعره أيد مناكبها
من يعد ما كان وهو يعمره ... أرباب ملك جزل مواهبها
ويروى أنّ وضّاح اليمن نشأ هو وأمّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان بالمدينة صغيرين فأحبّها وأحبّته، وكان لا يصبر عنها حتّى إذا