فاجتثّ صاحبها من جنب صاحبه ... دهرٌ يكرّ بفرحاتٍ وترحات
وكان عاهدني إن خانني زمنٌ ... أن لا يضاجع أنثى بعد موتات
وكنت عاهدته أيضاً، فعاجله ... ريب المنون قريباً مذ سنينات
فاصرف عتابك عمّن ليس يصرفه ... عن الوفاء له خلب التّحيّات
قال: فانصرفت وتركتها.
ٌ
قال الأصمعي: قال لي الرّشيد: امض إلى بادية البصرة فخذ من تحف كلامهم وطرف حديثهم. فانحدرت، فنزلت على صديقٍ لي بالبصرة، ثمّ بكّرت أنا وهو على المقابر، فلمّا صرت إليها إذا بجاريةٍ نادى إلينا ريح عطرها قبل الدّنوّ منها، عليها ثيابٌ مصبغاتٌ وحلى، وهي تبكي أحرّ بكاء. فقلت: يا جارية ما شأنك؟ فأنشأت تقول:
فإن تسألاني فيم حزني؟ فإنّني ... رهينة هذا القبر يا فتيان.
أهابك إجلالاً، وإن كنت في الثّرى، ... مخافة يومٍ أن يسؤك مكاني
وإنّي لأستحييك، والتّرب بيننا، ... كما كنت أستحييك حين تراني.
فقلنا لها: ما رأينا أكثر من التّفاوت بين زيّك وحزنك فأخبري بشأنك؟ فأنشأت تقول: