اخبار القضاه (صفحة 492)

والنكاية في العدو منهم، ويسمو بهم إِلَى أفضل غايتهم ويعرف ذلك لهم، ويذكرون به، ويحفظ لهم، ويحفظون به في أعقابهم من بعدهم بواجب حقهم، وليتنافس في ذلك من سواهم وليستنصروا به ثم لا يحجب لهم بقبولها ولو طرق طروقاً، فقد بلغني أن بعض الفقهاء التابعين رفع الحديث؛ قال: لا يزال لهذه الأمة طعمة ما بيتت ثغورها، فإذا بيتت من قبل ثغورها بينت طعمها أو انقطعت مدتها، وهنالك يطعن الرجال فيهم، فالثغور الثغور يا أمير المؤمنين، ثم الثغور الثغور يا أمير المؤمنين، فإن الثغور حصون بإذن الله للعباد، وسكن للبلاد، وقرار لهذه الأمة ليبلغوا منافعهم وصلاحهم في دينهم ودنياهم، ولتتم لهم مدة بقاء معالم دينهم آمنين مطمئنين وفي ذلك يا أمير المؤمنين بلاء من الله في نعمه عليهم وإحسانه إليهم عظيم، والأجر في ذلك لمن ولاه إقامتهم، والورد فِيْهِ على حسب ذلك، فعصم الله أمير المؤمنين من سيء ذلك، ووفقه لأحسنه.

وهذه الأحكام والحكام ولا يمنعني ما أنا بسبيله، فلما أن أنهى إِلَى أمير المؤمنين، بمبلغ علمي، النصيحة له في ذلك، فإني أعلم أن بقائي فيما أنا فِيْهِ قليل إما بفراق في الحياة،، وإما بموت، فإن أكبر ما أحض عليه من ذلك يكون لسواي، فأما الأحكام فإن الحكم بما في كتاب الله ثم بما في سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن لم يوجد ذلك في كتاب الله، ثم ما أجمع عليه الأئمة الفقهاء إن لم يوجد ذلك في سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم اجتهاد الحاكم، فإنه لا يألو إِذَا ولاه الامام ذلك، مع مشاورة أهل العلم.

فأما الحكام، فقد علم أمير المؤمنين، إن شاء الله، أدنى مأموله أن يكون في الحاكم الورع والعقل، فإن أحدهما إن أخطأه لم يقمه أهل العلم، واختيار خيار ما يشار به عليه في ذلك فإن كان له مع ذلك، فهم وعلم من الكتاب والسنة، كان بالغاً فإن كان مع ذلك ذا حكم، وصرامة وفطنة بمذاهب الناس، وغوامض أمورهم التي عليها يتظالمون فيما بينهم وبها يقارعونه عَن دينه ودنياه، كان ذلك هو الكامل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015