الأطباء ليسوا يفهمون شيئاً فقال لَهُ يحيى يَا أمير المؤمنين أبو قريش طبيب والدك ووالدتك قال الرشيد لَيْسَ هو بصيراً بالطب وإنما استطببناه إكراماً لَهُ لتقدم حرمته وينبغي أن تطلب لي طبيباً ماهراً فقال لما مرض أخوك الهادي أرسل والدك إِلَى جند يسابور وأحضر رجلاً يعرف بختيشوع فقال لَهُ كَيْفَ أعاده وتركه قال لما رأى والدتك وعيسى أبا قريش يحسدانه أذن لَهُ بالانصراف إِلَى بلده قال لَهُ أرسل البرد فِي مله إِن كَانَ حياُ ولما كَانَ بعد أيام ورد بختيشوع بن جورجيس ودخل عَلَى الرشيد فأكرمه وخلع عَلَيْهِ خلعة سلية ووهب لَهُ مَالاً وافراً وقال لَهُ تكون رئيس الأطباء ولك يسمعون ويطيعون.

بختيشوع بن جبرائيل بن بختيشوع كَانَ طبيباً حاذقاً ابن ابن طبيب ولما ملك الواثق الأمر كَانَ محمد بن عبد الملك الزيات وابن أبي داود يعاديان بختيشوع لسراته وظهور مروءته ونبله وحسن معرفته وكثرة وصلاته وكانا يضرمان عَلَيْهِ الواثق حَتَّى نكبه وقبض أملاكه ونفاه إِلَى جند يسابور ولما اعتل الواثق بالاستسقاء وبلغ الشدة فِي مرضه أنفذ من يحضر بختيشوع فمات الواثق قبل أن يوافى بختيشوع ولما ولي المتوكل صلحت حال بختيشوع حَتَّى بلغ فِي الجلالة والرفعة وعظم المنزلة وحسن الحال وكثرة المال وكمال المروءة ومباراة الخليفة فِي اللباس والزي والطيب والفرش والضيافات والتفسح فِي النفقات مبلغاً يفوق الوصف.

ومن أخباره أن المعتز بالله اعتل فِي أيام أبيه المتوكل علة من حرارة امتنع معها من أخذ شيء من الأدوية والأغذية فشق ذَلِكَ عَلَى المتوكل كثيراً واغتم لع غماً شديداً فَصار إِلَيْهِ بختيشوع والأطباء عنده وهو عَلَى حاله فِي الامتناع وقوة المرض فحادثه ومازحه فأدخل المعتز يده فِي كم جبة وشيء يماني مثقلة كَانَتْ عَلَى بختيشوع وقال مَا أحسن هَذَا الثوب فقال لَهُ بختيشوع يَا مولانا مَا لَهُ والله نظير فِي الحسن وثمنه عليّ ألف دينار كُل تفاحتين وخذ الجبة فدعا المعتز بتفاحتين وأكلهما فقال بختيشوع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015