وصنفوا خمسين رسالة فِي جميع أجزاء الفلسفة علميها وعمليها وأفردوا لَهَا فهرساً وسموه رسائل إخوان الصفا وكتموا فِيهِ أسماءهم وبنوها ي الوراقين ووهبوها للناس وحشوا هَذِهِ الرسائل بالكلمات الدينية والأمثال الشرعية والحروف المحتملة والطرق المموهة قال الوزير فهل رأيت جملة منها وهي مبثوثة من كل فن بلا إشباع ولا كفاية وفيها خرافات وكنايات وتلفيقات وتلزيقات وحملت عدة منها إِلَى شيخنا أبي سليمان المنطقي السجستاني محمد بن بهرام وعرضتها عَلَيْهِ فنظر فِيهَا أياماً وتبحرها طويلاً ثُمَّ ردها عليّ وقال تعبوا وَمَا أغنوا ونصبوا وَمَا أجدوا وحاموا وَمَا ردوا وغنوا فما أطربوا ونسجوا فهلهلوا ومشطوا ففلفلفوا ظنوا مَا لا يكون ولا يمكن ولا يستطاع ظنوا أنه يمكنهم أنهم يدسوا الفلسفة الَّتِي هي علم النجوم والأفلاك والمقادير والمجسطي وآثار الطبيعة والموسيقى الَّذِي هو معرفة النغم والإيقاعات والنقرات والأوزان والمنطق الَّذِي هو اعتبار الأقوال بالإضافات والكميات والكيفيات فِي الشريعة وأن يربطوا الشريعة فِي الفلسفة وهذا مرام دونه حدد وَقَدْ تورك عَلَى هَذَا قبل هؤلاء قوم كانوا أحد أنياباً وأحضر أسباباً وأعظم أقداراً وأرفع أخطاراً وأوسع قوي وأوثق عرى فلم يتم لهم مَا أرادوه ولا بلغوا منه مَا أملوه وحصلوا عَلَى لوثات قبيحة ولطخات واضحة موحشة وعواقب مخزية فقال لَهُ البخاري ابن العباس ولم ذَلِكَ أَيُّها الشيخ فقال إِن الشريعة مأخوذة عن الله عزّ وجلّ بوساطة السفير بينه وبين الخلق من طريق
الوحي وباب المناجاة وشهادة الآيات وظهور المعجزات وَفِي أثنائها مَا لا سبيل إِلَى البحث عنه والغوص فِيهِ ولا بد من التسليم المدعو إِلَيْهِ والمنبه عَلَيْهِ وهناك يسقط لِم ويبطل كَيْفَ ويزول هلا ويذهب لو لويت فِي الريح لأن هَذِهِ المواد عنها محسوسة وجملتها مشتملة عَلَى الخير وتفصيلها موصول عَلَى حسن التقبل وهي متداولة بَيْنَ متعلق بظاهر مكشوف وصحيح بتأويل معروف وناصر باللغة الشائعة وحام بالجدل المبين وذاب بالعمل الصالح وضارب للمثل السائر وراجع إِلَى البرهان الواضح متفقة فِي الحلال والحرام ومستند إِلَى الأثر والخبر المشهورين بَيْنَ أهل الملة وراجع إِلَى