وكلام أرسطوطاليس وكلامهما ينقسم ثلاثة أقسام قسم يجب تكفيرهم بِهِ وقسم يجب التبديع بِهِ وقسم لا يجب إنكاره أصلاً وهذه الأقسام الثلاثة تتوجه إِلَى ستة وجوه وهي الرياضة والمنطقية والطبيعية والإلهية والسياسة المدنية والمنزلية والسياسة الخلقية أما الرياضة فتتعلق بعلم الحساب والهندسة وعلم هيئة العالم وَلَيْسَ فِي هذه شيء يتعلق بالعلوم الدينية نفياً
وإثباتاً بل هي أمور برهانية لا سبيل إِلَى جحدها بعد فهمها وتعريفها ولكنها توصل إِلَى آفة ضارة وذلك أن الناظر فِيهَا إِذَا رأى دقائقها وقواطع أدلتها ظن أن جميع علوم الحكمة فِي الإيقان كهي فيضل وَلَيْسَ الأمر كذلك وأما المنطقيات فلا تتعلق بشيء منها بالدين نفياً وإثباتاً بل هو نظر فِي طرق الأدلة والمقاييس وشروط مقدمات البرهان وكبقية تركيبها وشروط الحد ليصح بِهِ المحدود وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا ينبغي أن ينكر إِلاَّ أنه يؤدي إِلَى نوع تحصل بِهِ شبهة تدفع إِلَى الكفر وهو أن البرهان من هَذَا النوع وأنهم يحملونه شروطاً يعلم أنها تورث اليقين لا محالة فإذا وصلوا عند المقاصد الدينية لا يمكن الوفاء بتلك الشروط فيتساهلون غاية التساهل فتزل أقدامهم وأقدامهم التابعين لهم ويخفي موضع المغالطة عَلَى الغير ويبنى الأمر فِي هَذِهِ الصورة عَلَى أنها عَلَى مَا تقدم من الحقيقة البرهانية وَلَيْسَ الأمر عند إنعام النظر كذلك وأما الطبيعيات فتقدم القول فِيهَا وَفِي الأمر الموجب لفساد عقيدة المعتقد لَهَا ومن أَيْنَ دخل عَلَيْهِ الوهم المفسد لدينه مع تظاهره بالإيمان فِي تقديس الموحد والطبيعيات هي مقدمات الكلام فِي الإلهيات وأما الإلهيات ففيها أكثر الأغاليط إذ العجز واقع عن الوفاء بالبراهين عَلَى مَا شرطوه فِي المنطق ولذلك كثر الاختلاف فِي هَذَا النوع بَيْنَ القوم وَقَدْ قرب من أرسطوطاليس فِي قوله الفارابي وابن سينا فبحق كفر من يقول بقول أرسطوطاليس فِي ثلاث مسائل خالف فِيهَا كافة الإسلاميين وهو أن الأجساد لا تحشر وإن المثاب والمعاقب هي الأرواح المجردة والعقوبات روحانية لا جسمانية وكتابية فِي صفة الله عزّ وجلّ بأنه يعلم الكليات دون الجزئيات فهو كفر صريح لأن الله لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فِي السماوات ولا فِي الأرض وَقَدْ تابعه صاحب المعتبر بعد اعتباره عَلَى نوع من هَذَا ويحتج القول لتعارض الأدلة وَلَمْ يمكنه الانفصال عنه عَلَى الوجه ومن ذَلِكَ قولهم بأزلية العالم وقدمه وأن تعللوا بعلل فِي قدمه بنسبة ومرة فِي حدوثه بنسبة فما يرحوا فِي الحيرة وأما سبع عشرة مسألة فهم فِيهَا أهل بدعة وَلَيْسَ هَذَا موضع تعديدها وأما السياسات فكلامهم فِيهَا أمر حكمي يرجع إِلَى المصالح المدنية والأمور الدنيوية من الترتيبات السلطانية وهي مأخوذة من كتب الله المنزلة عَلَى الأنبياء المرسلة وأما الخليقات فالقصد بِهَا الرجوع إِلَى حصر صفات النفس وأخلاقها وذكر أجناسها وأنواعها وكيفية معالجتها ومجاهدتها وهي مأخوذة من أخلاق أهل التصوف ومنقولة عنهم وهم المتألهون المثابرون عَلَى ذكر الله تعالى عَلَى مخالفة الهوى وسلوك الطريق إِلَى الله سبحانه وتعالى بالإعراض عن ملاذ الدنيا لأنهم بالمجاهدة أطلعوا عَلَى أخلاق النفس ومعانيها ومواضع هواها فأهملوا من ذَلِكَ الطالح واتبعوا الفعل الصالح نفعنا الله بهم وسلك بِنَا طريق الحق الَّذِي هو طريقهم وحسبنا الله ونعم الوكيل. وإثباتاً بل هي أمور برهانية لا سبيل إِلَى جحدها بعد فهمها وتعريفها ولكنها توصل إِلَى آفة ضارة وذلك أن الناظر فِيهَا إِذَا رأى دقائقها وقواطع أدلتها ظن أن جميع علوم الحكمة فِي الإيقان كهي فيضل وَلَيْسَ الأمر كذلك وأما المنطقيات فلا تتعلق بشيء منها بالدين نفياً وإثباتاً بل هو نظر فِي طرق الأدلة والمقاييس وشروط مقدمات البرهان وكبقية تركيبها وشروط الحد ليصح بِهِ المحدود وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا ينبغي أن ينكر إِلاَّ أنه يؤدي إِلَى نوع تحصل بِهِ شبهة تدفع إِلَى الكفر وهو أن البرهان من هَذَا النوع وأنهم يحملونه شروطاً يعلم أنها تورث اليقين لا محالة فإذا وصلوا عند المقاصد الدينية لا يمكن الوفاء بتلك الشروط فيتساهلون غاية التساهل فتزل أقدامهم وأقدامهم التابعين لهم ويخفي موضع المغالطة عَلَى الغير ويبنى الأمر فِي هَذِهِ الصورة عَلَى أنها عَلَى مَا تقدم من الحقيقة البرهانية وَلَيْسَ الأمر عند إنعام النظر كذلك وأما الطبيعيات فتقدم القول فِيهَا وَفِي الأمر الموجب لفساد عقيدة المعتقد لَهَا ومن أَيْنَ دخل عَلَيْهِ الوهم المفسد لدينه مع تظاهره بالإيمان فِي تقديس الموحد والطبيعيات هي مقدمات الكلام فِي الإلهيات وأما الإلهيات ففيها أكثر الأغاليط إذ العجز واقع عن الوفاء بالبراهين عَلَى مَا شرطوه فِي المنطق ولذلك كثر الاختلاف فِي هَذَا النوع بَيْنَ القوم وَقَدْ قرب من أرسطوطاليس فِي قوله الفارابي وابن سينا فبحق كفر من يقول بقول أرسطوطاليس فِي ثلاث مسائل خالف فِيهَا كافة الإسلاميين وهو أن الأجساد لا تحشر وإن المثاب والمعاقب هي الأرواح المجردة والعقوبات روحانية لا جسمانية وكتابية فِي صفة الله عزّ وجلّ بأنه يعلم الكليات دون الجزئيات فهو كفر صريح لأن الله لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فِي السماوات ولا فِي