رأسه وقال انصرف عافاك الله لَيْسَ هنا شيء تفهمه قال فجلست حينئذ وتأملته فإذا بِهِ يقوم المشتري هكذا قال أَوْ غيره من الكواكب فلما شارف الفراغ منه قلت لم فعلت هَذَا وأحوجت نفسك إِلَى عملين وضربين كنت غنياً عنهما قال فأي شيء كنت أفعل قلت تفعل كذا وكذا وَقَدْ خرج مَا تريد ثُمَّ نهضت مسرعاً فقام ولحقني وعلق بي وقبل رأسي واعتذر وقال أسأت العشرة وعجلت وسألني عن اسمي فأعلمته فعرفني بالذكر واستدل عَلَى داري وصار يقصدني ويسألني عن شكوك تعترضه فأفيده إياها واستكثر مني وصار صديقاً وخليلاً.
أبو قريش طبيب المهدي وهذا رجل يعرف بعيسى الصيدلاني وَلَمْ يذكر هَذَا فِي جملة الأطباء لأنه كَانَ ماهراً بالصناعة أَوْ ممن يحب أن يلحق الأجلاء من أهل هَذَا الشأن وإنما يذكر لظريف خبره وَمَا فِيهِ من العبرة وحسن الاتفاق أن هَذَا الرجل اعني أبا قريش كَانَ صيدلانياً ضعيف الحال جداً فتشكت حظية للمهدي وتقدمت إِلَى جاريتها بأن تخرج القارورة إِلَى طبيب غريب لا يعرفها وَكَانَ أبو قريش بالقرب من قصر المهدي فلما وقع نظر الجارية عَلَيْهِ أرته القارورة فقال لمن هَذَا الماء فقالت لامرأة ضعيفة فقال بل لملكة عظيمة الشأن وهي حبلى بملك وَكَانَ هَذَا القول منه عَلَى سبيل الرزق فانصرفت الجارية من عنده وأخبرت الحظية بما سمعته منه ففرحت بما سمعت فرحاً شديداً وقالت ينبغي أن تضعي علامة عَلَى ذكائه حَتَّى إذا صح قوله اتخذناه طبيباً لنا وبعد مدة ظهر الحبل وفرح بِهِ المعدي فرحاً شديداً فأنفذت الحظية إِلَى أبي قريش خلعتين فاخرتين وثلاثمائة دينار وقالت استعن بهذا عَلَى أمرك فإن صح مَا قلته استصحبناك فعجب أبو قريش ومن ذَلِكَ وقال هَذَا من عند الله جل وعز لأنني مَا قلته للجارية إِلاَّ وَقَدْ كَانَ هاجساً من غير أصل ولما ولدت الحظية وهي الخيزران موسى الهادي سر المهدي بِهِ سروراً عظيماً وحدثته جاريته بالحديث فاستدعي أبا قريش وخاطبه فلم يجد عنده علماً بالصناعة إِلاَّ شيئاً يسيراً من علم الصيدلة إِلاَّ أنه اتخذه طبيباً لما جرى منه واستخصه وأكرمه إِلاَّ كرام التام وحظي عنده ولما مرض موسى الهادي جمع الأطباء المتقدمين وهم أبو قريش عيسى وعبد الله وهو الطيفوري وداود بن سرافيون أخو يوحنا صاحب الكناش وَكَانَ سرافيون طبيباً من أهل باجرمي وخرج ولداه طبيبين فاضلين ولما اشتد بِهِ المرض قال لهم أنتم تأكلون أموالي وجوائزي وَفِي وقت الشدة تتغافلون عني