تلامذتك ثُمَّ قلد تلميذك البيمارستان فإن أموره تحسن عَلَى أحسن مخارجها فقلت لَهُ قَدْ قبلت وانصرف دهشتك إِلَى بلده وأنفذ إليّ رجلاً فدخل إليَّ فِي زي الرهبان فكشفته فوجدته عَلَى مَا حكى لي عنه وسألته التسمي لي فأخبرني أن اسمه ماسويه وَكَانَ المنزل الَّذِي ينزله ماسويه يبعد عن منزلي ويقرب من منزل داود بن سرافيون وَكَانَتْ فِي داود دعابة وبطالة وَكَانَ فِي ماسويه ضعف من ضعف السفل يستطيبه كل بطال فما مضي بماسويه إِلاَّ يسير حَتَّى صار إلي وَقَدْ غير زيه ولبس الثياب البيض فسألته عن خبره فأعلمني أنه قَدْ عشق جارية لداود بن سرافيون صقلبية يقال لَهَا رسالة وسألني ابتياعها فابتعتها بستمائة درهم ووهبتها لَهُ فأولدها يوحنا وأخاه ثُمَّ رعيت لماسويه ابتياعي لَهُ رسالة وطلبه منها النسل وصيرت ولده كأنهم ولد قرابة لي وعنيت برفع أقدارهم وتقديرهم عَلَى أبناء أشراف أهل هَذِهِ الصناعة وعلمائهم ثُمَّ وثبت ليوحنا وهو غلام المرتبة الشريفة ووليته البيمارستان وجعلته رئيس تلاميذي فكانت مثوبتي منه هَذِهِ الدعوى الَّتِي لا يسمع أحد بِهَا إِلاَّ قذف من خرجه ونوه باسمه وأطلق لسانه بما انطلق بِهِ ولمثل مَا خرج إِلَيْهِ هَذِهِ السفلة كَانَتْ تِلْكَ الأعاجم تمنع الناس من الانتقال عن صناعات آبائهم وتحظر ذَلِكَ غاية الحظر والله المستعان .. وأجرى سلمويه بن بنان المتطبب للمعتصم والخصيص بِهِ ذكر يوحنا بن ماسويه فأطنب فِي ذكره ووصفه ثُمَّ قال فِي أثناء ذَلِكَ يوحنا آفة من الآفات عَلَى من اتخذه لنفسه واعتمد عَلَى علاجه وكثرة حفظه للكتب وحسن شرحه مما يوقع الناس فِي المكروه من علاجه ثُمَّ قال سلمويه أول الطب معرفة مقدار الداء حَتَّى يعالج مَا يحتاج إِلَيْهِ من العلاج ويوحنا أجهل خلق الله بمقدار الداء والدواء جميعاً أن رأى محروراً عالجه من الأدوية الباردة والأغذية المفرطة البرد بما يزيل عنه تِلْكَ الحرارة ويعقب معدته وبدنه بدراً يحتاج فِيهِ إِلَى المعالجة بالأدوية والأغذية الجارة ثُمَّ يفعل فِي ذَلِكَ مفعله فِي العلة الأولى من الإفراط ليزول عنه البرد ويعتل من حرارة مفرطة فصاحبه أبداً عليل إما من حرارة وإما من برودة والأبدان تضعف عن احتمال هَذَا التدبير وإنما الغرض فِي اتخاذ الناس المتطببين حفظ صحتهم فِي أيام الصحة وخدمة طبائعهم فِي ألام العلة ويوحنا لجهله بمقادير العلل والعلاج غير قائم بهذين البابين ومن لَمْ يقم بهما فليس بمتطبب ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015