فلما استيقظ المأمون من منامه حدثته نفسه وحثته همته عَلَى تطلب كتب أرسطوطاليس فلم يجد منها شيئاً ببلاد الإسلام قال غير ابن إسحاق فراسل المأمون ملك الروم وَكَانَ قَدْ استطال عَلَيْهِ وأذل دين الكفر وطلب منه كتب الحكمة من كلام أرسطوطاليس فطلبها ملك الروم فلم يجد لَهَا ببلاده فاغتم لذلك وقال يطلب مني ملك المسلمين علم سلفي من يونان فلا أجده أي عذر يكون لي أم أي قيمة تبقى لهذه الفرقة الرومية عند المسلمين وأخذ فِي السؤال والبحث فحضر إِلَيْهِ أحد الرهبان المتقطعين فِي بعض الأديرة النازحة عن القسطنطينية وقال لَهُ عندي علم مَا تريد فقال لَهُ أدركني فقتال إِن البت الفلاني فِي موضع كذا الَّذِي يقفل كل ملك عَلَيْهِ قفلاً إِذَا ملك مَا فِيهِ عَلَى مَا يقال مال الملوك وكل ملك يجيء يقفل عَلَيْهِ حَتَّى لا يقال قَدْ احتاج إِلَى مَا فِيهِ لسوء تدبيره ففتحه فقال لَهُ الراهب لَيْسَ الأمر كذلك وإنما فِي ذَلِكَ الموضع هيكل كَانَتْ يونان تتعبد فِيهِ قبل استقرار ملة المسيح فلما تقررت ملته بهذه الجهات فِي أيام قسطنطين بت الثلاثة جمعت كتب الحكمة من أيدي الناس وجعلت فِي ذَلِكَ البيت وأغلق بابه وقفل الملوك عَلَيْهِ أقفالاً كما سمعت فجمع الملك مقدمي دولته وعرفهم الأمر واستشارهم فِي فتح البيت فأشاروا بذلك فاستشار الراهب فِي تسييرها إِذَا وجدت إِلَى بلد الإسلام وَعَلَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ خطر فِي الدنيا أم إثم فِي الأخرى فقال لَهُ الراهب سيرها فإنك تثاب عَلَيْهِ فإنها مَا دخلت فِي ملة إِلاَّ وزلزلت قواعدها فسار إِلَى البيت وفتحه ووجد الأمر فِيهِ كما ذكر الراهب ووجدوا فِيهِ كتباً كثيرة فأخذوا من جانبها بغير علم ولا فحص خمسة أحمال وسيرت إِلَى المأمون فأحضر لَهَا المأمون المترجمين فاستخرجوها من الرومية إِلَى العربية ثُمَّ تنبه الناس بعد ذَلِكَ عَلَى تطلبها بعد المأمون وتحيلوا إِلَى أن حصلوا منها الجملة الكثيرة ولما سيرت الكتب إِلَى المأمون جاء بعضها تاماً وبعضها ناقصاً فالناقص منها ناقص إِلَى اليوم لَمْ يجد أحد تمامه وقال أبو سليمان المنطقي السجستاني نزيل بغداد وَكَانَ نبيهاً فِي هَذِهِ الفرقة أن بني المنجم كانوا يرزقون جماعة من النقلة منهم حُنين بن إسحاق وحبيش بن الحسن وثابت بن قرة وعيهم لهم فِي الشهر خمسمائة دينار لنقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015