فنسب إِلَيْهِ وَكَانَ هبة الله هَذَا فِي العلم والعمل من الطب بقراط عصره وجالينوس زمانه ختم بِهِ هَذَا العلم وَلَمْ يكن فِي الماضين من بلغ مداه فِي الطب عمر طويلاً وعاش نبيلاً جليلاً رآه بعض معاصرينا وهو شيخ بهي المنظر حسن الرواء عذب المجتلى والمجتنى لطيف الروح ظريف الشخص بعيد الهم عالي الهمة زكي الخاطر مصيب الفكر حازم الرأي شيخ النصارى وقسيسهم ورأسهم ورئيسهم وَلَهُ فِي نظم الشعر كلمات راقية شافية وشائقة تعرب عن لطافة طبعه فمن ذَلِكَ مَا قاله ملغزاً فِي مجمرة البخور

كل نار للشوق تضرم بالهج ... ر وناري تشب عند الوصال

فإذا الصد راعني سكن الوج ... د وَلَمْ يخطر الغرام ببالي

ومن مشهور شعره

يَا من رماني عن قوس فرقته ... بسهم هجر غلا تلافيه

أرض لمن غاب عنك غيبته ... فذاك ذنب عقابه فِيهِ

وله أيضاً:

من كَانَ يلبس كلبه ... وشياً ويقنع لي بجلدي

فالكلب مني عنده ... خير وخير منه عندي

ومن شعره أيضاً:

كَانَتْ بتهنئة الشبيبة سكرة ... فصحوت واستأنفت سيرة مجمل

وقعدت أرتقب الفناء كراكب ... عرف المحل فبات دون المنزل

وَكَانَ أبو الحسن بن التلميذ يحضر عند المقتفي كل أسبوع مرة فيجلسه لكبر سنه وَكَانَتْ دار القوارير ببغداد مجراة فِي إقطاعه فحلها الوزير يحيى بن هبيرة فِي ولايته فحضر أبو الحسن بن التلميذ يوماً عند الخليفة عَلَى عادته فلما أراد الانصراف عجز عن القيام لضعفه الكبر فقال لَهُ المقتفي كبرت يَا حكم قال نعم كبرت وتكسرت قواريري وهذا مثل يتماجن بِهِ أهل بغداد لمن عجز وبطل ففطن الخليفة وقال رجل عمر فِي خدمتنا مَا تماجن قط بحضرتنا ولهذا يتماجن سر ثُمَّ فكر ساعة وسأل عن دار القوارير فقيل لَهُ قَدْ حلها الوزير ابن هبيرة عنه وأخذها منه فأنكر المقتفي عَلَى ذَلِكَ إنكاراً شديداً وردها إِلَيْهِ وزاده إقطاعاً آخر وتوفي هبة الله بن صاعد فِي صفر سنة ستين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015