وَكَانَ يتقي أهل زمانه فِي التظاهر بِهِ فأخرج مَا عنده فِي صورة متكلمي الملة الإسلامية وأحكم مَا أتى بع من ذَلِكَ ومن وقف عَلَى تصانيفه تحقق مَا أشرت إِلَيْهِ من أمره وَلَمْ يزل عَلَى التصدر والتصنيف والإملاء والإفادة لمذهب الاعتزال والتحقيق لما انفرد بِهِ من الأقوال حَتَّى أتاه أجله فِي يوم الثلاث الخامس من شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وأربعمائة وَكَانَ متميزاً بالقناعة والكفاف طول مدته.
المختار بن الحسن بن عبدون الحكيم أبو الحسن الطبيب البغدادي المعروف بابن بطلان طبيب منطقي نصراني من أهل بغداد قرأ عَلَى علماء زمانه من نصارى الكرخ وَكَانَ مشوه الخلقة غير صبيحها كما شاء الله فه وفضل فِي علم الأوائل يرتزق بصناعة الطب وخرج عن بغداد إِلَى الجزيرة والموصل وديار بكر ودخل حلب وأقام بِهَا مدة وَمَا حمدها وخرج عنها إِلَى مصر وأقام بِهَا مدة قريبة واجتمع فِيهَا بابن رضوان المصري الفيلسوف فِي وقته وجرت بينهما منافرة أحدثتها المغالبة فِي المناظرة وخرج ابن بطلان عن مصر مغضباً عَلَى ابن رضوان وورد أنطاكية راجعاً عن مصر فأقام بِهَا وَقَدْ سئم كثرة الأسفار وضاق خطته عن معاشرة الأغمار فغلب عَلَى خاطره الانقطاع فنزل بعض ديرة أنطاكية وترهب وانقطع إِلَى العبادة إِلَى أن توفي بِهَا فِي شهور سنة أربع وأربعين وأربعمائة شاهدت فِي كتاب الربيع لمحمد بن هلال بن المحسن نسخة سفرته إِلَى الرئيس هلال بن المحسن بن إبراهيم نسخته.
" بسم الله الرحمن الرحيم "
أنا لما أعتقده من خدمة سيدنا الأجل أطال الله بقاه وكبت أعداءه دانياً وقاصياً وافترضه من طاعته مقيماً وظاعناً أضمرت عند وداعي حضرته العالية وَقَدْ ودعت منها الفضل السؤدد والمجد والفخر والمحتد أن أتقرب إليها وأجدد ذكري عندها بالمطالعة مما استطرفه من أخبار البلاد التي أطرقها واستغر بِهِ من غرائب الأصقاع الَّتِي أسلكها خدمة للكتاب الذي هو تاريخ