المسجد ففتحناه فإذا رجل مشدود الوسط وبيده ضوء ومعه من يحمل جفنة كبيرة وَقَدْ عمل فِيهَا نبالة بدجاج متعدد وبيض إِلَى غير ذَلِكَ وأخذ فِي الاعتذار فسألناه من هو فقال أنا رجل غريب من أهل مصر نزلت هَذِهِ الضيعة من مدة مديدة ولي زوجة تغشى أهلكم بقفط ويشملها بركم اسمها أم سراج وَمَا علمت بقدومكم إِلاَّ بعد ليل وهي تعتذر من الغفلة فشكرناه عَلَى ذَلِكَ وأخذت لوحاً من ألواح الصبيان وكتبت فِيهِ عَلَى سبيل الهذل لا الجد:
جزيت أم سراج كل مكرمة ... فليس فِي الدير للأضياف إلاك
ولا سقى الله أرضاً قَدْ حللت بِهَا ... ودمت فِي نعمة الباري وحياك
فأنت كالورد حل الشوك جانبه ... أباد ربي شوكاً حل مغناك
وقرأها الجماعة وضحكوا منها وأردت محوها من اللوح وأنسبتها ورحلنا بصاحبنا بكرة النهار وهو عَلَى حاله لَمْ يزل عنه الألم ولما حضر الصبيان إِلَى الكتاب بعدنا رأوا الأبيات فقرؤوها وحفظوها وأنشدوها فِي طرقهم وسمعها المشائخ فعز عليهم مَا جرى وركبوا بجملتهم وجاؤوا مشايخ فقط شاكين من القول فيهم وأظهروا جزعاً من الهجو لعربية منهم فاعتذر الجماعة إليهم وعادوا منكرين ومات علوي فيما بلغني فِي حدود سنة خمس وتسعين وخمسمائة وَكَانَ لَهُ هناك ذكر.