تمنعنا من الأضرار بأبناء الجنس لأنها موضوعة لنفعهم ومقصورة عَلَى معالجتهم ومع هَذَا فقد جهل فِي رقاب الأطباء عهد مؤكد بإيمان مغلظة أن لا يعطوا دواء قتالاً فلم أر أن أخالف هذين الأمرين الشريفين ووطنت نفسي عَلَى القتل فإن الله تعالى مَا كَانَ يضيع لي بذل نفسي فِي طاعته فقال الخليفة أنهما شرعان جليلان وأمر بالخلع فأفيضت عَلَيْهِ وحمل المال معه فخرج وهو أحسن الناس حالاً وجاهاً فانظر إِلَى ثمرة الدين والعلم مَا أحلاهما وأحسن منظرهما وفخرهما جعلنا الله وإياك من الشاكرين بهما والمثابين عليهما.
حبيش بن الحسن الأعسم كَانَ نصرانياً أحد تلاميذ حنين والناقلين من اليوناني إِلَى السرياني إلى العربي وَكَانَ حنين يقدمه ويعظمه ويصفه ويرضى نقله وقيل من جملة سعادة حنين صحبة حبيش لَهُ فإن أكثر مَا نقله حبيش نسب إِلَى حنين وكثيراً مَا يرى الجهال شيئاً من الكتب القديمة مترجماً بنقل حبيش فيغان الغر منهم أن الناسخ أخطأ فِي الاسم ويغلب عَلَى ظنه أنه حنين وَقَدْ صحف فيكشطه ويجعله لحنين.
ولحبيش هَذَا من التصانيف سوى مَا خرجه من اليوناني إِلَى العربي. كتاب الزيادة فِي المسائل الَّتِي لحنين.
حنون النصراني الزهاوي الطبيب قرأ الطب عَلَى أطباء الرها ورحل إِلَى ديار بكر فلقي من كَانَ بِهَا بآمد وميافارقين من الحكماء ثُمَّ خدم الناس بطبه وتنقل فِي البلاد بصناعته ورحل إِلَى مملكة قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان ابن قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق فخدم أمراء دولته ثُمَّ خرج عن تِلْكَ الديار تِلْكَ ديار بكر وخدم من حصل هناك من البيت الشاه الأرمني وَقَدْ جاء بعده من هزار ديناري ومن خلفه ثُمَّ الداخلين عَلَى تِلْكَ الديار من البيت الأيوبي ورجع إِلَى الرها ثُمَّ جاء إِلَى حلب وقضى نحبه بحلب فِي سنة خمس عشرة وستمائة.
الحقير النافع هَذَا جرائحي مصري يهودي كَانَ فِي زمن الحاكم ومن ظريف أمره أنه كَانَ يرتزق بصناعة مداواة الجراح فِي غاية الخمول واتفق أن عرض لرجل الحاكم عقر زمن وَلَمْ يبرأ وَكَانَ ابن مقشر طبيب الحاكم