فضربه ضربة بزجاجة وَكَانَتْ عروق ذَلِكَ الرجل صعبة صلبة كأنها أعصاب إذَا اشتدت لا تمتلئ عند الشد وإذا حلت لا تنضم عند الحل فضربه ضربة كسرت الزجاجة فِي جوف العرق ثُمَّ وسع جالينوس الكلام فِي ذَلِكَ قلت وهذا دليل عَلَى أن جالينوس دخل الإقليم المصري وسلكه إِلَى آخر. فإن النوبة وبواديهم عَلَى طرف إقليم مصر من ناحية الجنوب.
جبرائيا بن بختيشوع بن جورجيس بن بختيشوع الجند يسابوري كَانَ طبيباً حاذقاً نبيلاً لَهُ تآليف فِي الطب وخدم الرشيد الخليفة ومن بعده وحل محل أبيه بختيشوع عند الخلفاء ونشأ فِي دولتهم وجبرائيل من أجل جند يسابور وأهل جند يسابور من الأطباء فيهم حذق بهذه الصناعة وعلم من زمن الأكاسرة وذلك سبب وصولهم إِلَى هَذِهِ المنزلة هو أن سابور بن أزدشير كَانَ قَدْ هادن فيلبس قيصر ملك الروم بعد تغلبه عَلَى بلد سوريا وافتتاحه أنكاكيه فطلب منه أن يزوجه ابنته عَلَى شيء تراضياً بِهِ ففعل قيصر ذَلِكَ وقبل أن تنقل إِلَيْهِ بني لَهَا مدينة عَلَى شكل قسطنطينية وهي مدينة جند يسابور وذكر فِي سيرهم أنها كَانَتْ قرية لرجل يعرف بجندا وأن سابور لما اختار موضعها ليبنيه مدينة بذل لَهُ ثمنها مالاً جزيلاً فأبى أن يبيعها فقال دعني أبنيها فأبى إِلاَّ أن يشاركه فِي البناء وَكَانَ المجتازون يسألون الصناع من يعمرها فيقولون جندا وسابور يعمرانها فصار اسمها جند يسابور ولما نقل إليها ابنة قيصر انتقل معها من كل صنف من أهل بلدها ممن هي محتاجة إِلَيْهِ فانتقل معها أطباء أفاضل ولما أقاموا بِهَا بدؤوا يعلمون أحداثاً من أهلها وَلَمْ يزل أمرهم يقوى فِي العلم ويتزايدون فِيهِ ويرتبون قوانين العلاج عَلَى مقتضي أمزجة بلدانهم حَتَّى برزوا فِي الفضائل وجماعة يفضلون علاجهم وطريقتهم عَلَى اليونانيين والهند لأنهم أخذوا فضائل كل فرقة فزادوا عَلَيْهَا بما استخرجوه من قبل نفوسهم فرتبوا لهم دساتير وقوانين وكتباً جمعوا فِيهَا كل حسنة حَتَّى أن فِي سنة عشرين من ملك كسرى اجتمع أطباء جند يسابور بأمر الملك وجرى بينهم مسائل وأجوبتها وأثبتت عنهم وَكَانَ أمراً مسهوراً واسطة المجلس جبرائيل دوستاباذ لأنه كَانَ طبيب كسرى