رَأْسِهِ، أَوْ قَالَ: عِنْدَ السُّتْرَةِ، فَجَعَلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: تَتَكَلَّمُ فِينَا، وَتَقُولُ كَذَا، أَوْ يَبْلُغُنَا عَنْكَ كَذَا قَالَ: فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: امْضِ لِمَا تُرِيدُ، أَوِ افْرُغْ مِمَّا تُرِيدُ، فَوَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أَخَافُ أَحَدًا غَيْرَ اللَّهِ لَمَا كَلَّمْتُكَ، فَقَالَ: أَخْرِجْهُ فَقَدْ مَلأَ قَلْبِي رُعْبًا.
77 - وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْجَبَّارِ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْحَرِيشِ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَخٍ لِلْحُسَيْنِ بْنِ مُعَاذٍ، يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ عَمِّي بِمَكَّةَ، فَدَخَلْنَا عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَوَضَعَ عَمِّي لِبَاسَهُ الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ، وَلَبِسَ لَهُ لِبَاسًا آخَرَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ، فَنَكَسَ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ، فَقَالَ: سَلامٌ بِسَلامٍ، قَالَ: فَبَقِينَا مَلِيًّا قِيَامًا لا يَرُدُّ عَلَيْنَا، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْنَا، وَلا يَأْمُرُنَا بِالْجُلُوسِ.
قَالَ: فَقَالَ عَمِّي: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] ، فَقَالَ سُفْيَانُ: سَلامٌ بِسَلامٍ وَسَكَتَ، قَالَ: فَقَوَّمْتُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ رِدَاءٍ وَإِزَارٍ وَنَعْلٍ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْنَا قُلْتُ لِعَمِّي: مَا أَدْخَلَكَ عَلَى هَذَا؟ ! قَالَ: اسْكُتْ، هَذَا رَجُلٌ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَهَانَ عَلَيْهِ أَهْلُهَا.