مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَرَّبَهُ فِي الْمَنْزِلِ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ حَالُهُ عِنْدَهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ زَائِرًا لَهُ، فَخَرَجَ مُعَادِلا لَهُ، لا يَتْرُكُ تَرْشِيحَهُ وَتَعْظِيمَهُ فَلَمَّا حَضَرَ بَابَ عَبْدِ الْمَلِكِ حَضَرَ بِهِ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمْ يَبْدَأْ بِشَيْءٍ بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَوْلَى مِنْ أَنْ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَيْكَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَجُلِ الْحِجَازِ، لَمْ أَدَعْ لَهُ وَاللَّهِ فِيهَا نَظِيرًا فِي كَمَالِ الْمُرُوءَةِ وَالأَدَبِ، وَحُسْنِ الْمَذْهَبِ وَالطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ، مَعَ الْقَرَابَةِ، وَوُجُوبِ الْحَقِّ، وَفَضْلِ الأُبُوَّةِ، إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَدْ أَحْضَرْتُهُ بَابَكَ، لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ إِذْنُكَ، وَتَتَلَقَّاهُ بِبِشْرِكَ، وَتَفْعَلَ بِهِ مَا تَفْعَلُ بِمِثْلِهِ مِمَّنْ كَانَتْ مَذَاهِبُهُ مِثْلَ مَذَاهِبِهِ.
قَالَ: ذَكَّرْتَنَا حَقًّا وَاجِبًا، وَرَحِمًا قَرِيبَةً، يَا غُلامُ، ائْذَنْ لإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، فَلَمَّا دَخَلَ قَرَّبَهُ حَتَّى أَجْلَسَهُ عَلَى فَرْشِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَابْنَ طَلْحَةَ، إِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ أَذْكَرَنَا مَا لَمْ نَزَلْ نَعْرِفُكَ بِهِ فِي الْفَضْلِ وَالأَدَبِ وَحُسْنِ الْمَذْهَبِ، مَعَ قَرَابَةِ الرَّحِمِ، وَوُجُوبِ الْحَقِّ، فَلا تَدَعَنَّ حَاجَةً فِي خَاصٍّ مِنْ أَمْرِكَ وَلا عَامٍّ إِلا ذَكَرْتَهَا.
قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَوْلَى الأُمُورِ أَنْ يُفْتَتَحَ بِهِ الْحَوَائِجُ، وَتُرْجَى بِهِ الزُّلَفُ، مَا كَانَ للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رِضًا، وَلِحَقِّ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَاءٌ وَلَكَ وَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ نَصِيحَةٌ وَإِنِّ عِنْدِي نَصِيحَةً لا أَجِدُ بُدًّا مِنْ ذِكْرِهَا، فَلا يَكُونُ الْبَوْحُ بِهَا إِلا وَأَنَا خَالٍ، فَأَخْلِنِي تَرِدْ عَلَيْكَ