ووافت من ابن طغج هدية سرية للخليفة إلى الأنبار فلما علم بما جرى ردها إلى هيت، ورخصت الأسعار بمدينة السلام وسر الناس بذلك، وحصل السلطان بالموصل في رجب، وقد كان العباس بن شقيق صاحب أمير خراسان وافى فأقام بالنهروان حتى يؤذن له في الدخول فأذن له ووصل وجاء معه برأس ما كان الديلمي، وشهر في دجلة في غرة شهر ربيع الأول، وكان ركوب الخليفة إلى بثق النهروان يوم الثلاثاء لتسع خلون من شهر ربيع الأول فصلى عليه، فما انصرف جنده حتى تهور السكر وعاد البثق إلى حاله.
ولما ملك جيش البريدي الدار نهبوا جميع ما وجدوا فيها، وداروا في صحونها، وفعلوا ما لم يفعله أحد قبلهم، فقد كان الخلفاء يقتلون بسر من رأى ودورهم محفوظة مصونة، ولما دخل الحاج بغداد في أول صفر سالمين دخل معهم أبو العباس أحمد بن سعيد بن عقبة الكوفي وكان أحفظ الناس للحديث وأكثرهم كتاباً له، فوعد الناس لجلوسه فجلس يوم السبت لست خلون، في مسجد الشرقية فأملى وقرئ عليه وجلس بعد ذلك في الجامعين الشرقي والغربي، وحدث وجلس في براثا مجلسين، وأملى فضائل كثيرة.
وعز الدقيق بمدينة السلام فلم يوجد فبعث المتقي لله بأبي الفرج المالكي القاضي إلى الحسن بن عبد الله يأمره بإدرار حمل الدقيق، وقد كان المكوك بلغ ستة دراهم، فجاء الدقيق في شهر ربيع الآخر فصلح