تقيمن بعدي بواسط ساعة واحدة، فعرفت أن تحت هذا الكلام ما هو أعرف به وأعلم، وأنه قد نصح لي فشيعته ثم صاعدت من وقتي إلى بغداد فوجدت أبا الحسين بها والخليفة خارج عنها فاستأذنت عليه فلم يأذن لي، وإذا كتاب الوزير قد ورد عليه: لا يدخلن الصولي إليك. فكنت مجفواً محجوباً، فلما شخص إلى بغداد احتجب إذ أستتر يوماً أو يومين لمعرفة الناس بكوني عندهم وثنائي عليهم، فكنت عند السيد الشريف أبي عبد الله الموساني ثم خرجت لتلقي سيف الدولة لأنه كان في حداثته يلزمني وقد قرأ علي علماً كثيراً. فجمع بعض جيراني بقصر عيسى جماعة من العيارين ووهب لهم دراهم وكان له سكان في مثل حمام ودكان وبثهم في نواحي بغداد يصيحون ألا إن الصولي قد خرج مع البريدي وكان هو مع ابن قرابة آفة الناس معه ووجه بهم إلى بستاني الذي بحضرة بستان حميد فكسروا دواليبه وجمروا نخله وهدموا أبنية أنفقت عليها ألفي دينار ولم يدعوا سقفاً ولا خزانة إلا نهبوه، وفعلوا مثل ذلك ببستان بدوران، وهو الذي كان لغج بن جاخ، وقد أنفق على أبنيته ألوف دنانير وما ترك فيه شيء، ورجعت من عكبرا فرأيت ذلك، وعلم به سيف الدولة، فقال ضع يدك على من شئت، فكرهت أن أصدقه عن الحال في فعل جاري، وجاءني أهل الناحية فعينوا لي جماعة فذكرتهم له، فأمر بقطع أيديهم فنظرت فإذا ما مضى لا يعود وما أفعله بهم يحقد على أمثالهم، وفي زمان يتصنع كل قوم بألوان ويحدث في الشهر منه دول، فأطلقت عنهم. فيا عجباً لقوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015