وقال: أخبرت عن الأصمعي قال: عرض الرشيد خيل مر فما مر به فرس إلا وعليه سمة نتاج الفخر الجنيدي، فقال: ويلكم من هذا الجنيدي الذي له كل هذا النتاج؟ وأمر بإشخاصه، فكتب إلى عامل مصر فأشخصه، فلما دخل عليه نظر إليه من أول الدار، فإذا عليه لحية قد أخذت لسرته طولاً ولآباطه عرضاً، وإذا هو مستعجل في مشيه ينظر إلى أعطافه، فلما رآه قال: أحمق ورب الكعبة، فلما دنا منه قال: يا جنيدي من أين لك هذه الخيل؟ قال: من رزق الله وأفضاله، فلما رآه هالكاً قال: ما أحسن لحيتك يا جنيدي، قال: اقبلها يا أمير المؤمنين خلعة لك، والخيل معك فبك فداهما الله، فإن قدرك عندي أعظم القدور وكرامتك عندي عزيزة جداً، فصاح به: اغرب عليك لعنة الله، ثم قال: أخرجوه، فقد أسمعني كل مكروه لعن الله هذا وخيله معه.
قال ابن قتيبة: حدث جار لأبي حية النميري قال: كان لأبي حية سيف ليس بينه وبين الخشبة فرق، وكان يسميه لعاب المنية قال: فأشرفت عليه ليلة وقد انتضاه وهو واقف على باب بيت في داره وقد سمع حساً وهو يقول: أيها المغتر بنا والمجترىء علينا، بئس والله ما اخترت لنفسك، خير قليل وسيف صقيل، لعاب المنية الذي سمعت به، مشهورة ضربته لا تخاف نبوته، أخرج بالعفو عنك لا أدخل بالعقوبة عليك؛ إني والله إن أدع قيساً تملأ الفضاء خيلاً ورجلاً، يا سبحان الله ما أكثرها وأطيبها، ثم فتح الباب فإذا كلب قد خرج، فقال: الحمد لله الذي مسخك كلباً وكفاني حرباً.