قَالَ رَأَيْت أَبَا بكر مُحَمَّد بن الْفضل البُخَارِيّ وَقد حمل إِلَيْهِ جُزْءا فِيهِ مشكلات الْكتب فأملى أَبُو بكر جوابها من سَاعَته فَقبل ابْن الْفضل رَأسه وَقَالَ مَا ظَنَنْت أَن على وَجه الارض مثلك
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو سهل الزجاجي صَاحب كتاب الرياضة درس على أبي الْحسن الْكَرْخِي وَرجع إِلَى نيسابور فَمَاتَ بهَا سَمِعت الصاحب أَبَا الْقَاسِم إِسْمَاعِيل ابْن عباد يَقُول كَانَ أَبُو سهل الزجاجي إِذا دخل مجَالِس النّظر تَغَيَّرت وُجُوه الْمُخَالفين لقُوَّة نَفسه وَحسن جدله وَبَلغنِي أَن أَبَا بكر الرَّازِيّ رَحمَه الله درس عَلَيْهِ
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو الْحُسَيْن قَاضِي الْحَرَمَيْنِ كَانَ عِنْد أبي الْحسن الْكَرْخِي ثمَّ انْتقل إِلَى أبي طَاهِر الدباس ثمَّ ولى الْقَضَاء بالحرمين وَعَاد إِلَى نيسابور فَمَاتَ بهَا وفقهاء نيسابور كلهم ينتسبون إِلَى أبي سهل أَو إِلَى أبي الْحُسَيْن لَا يخرجُون عَنْهُمَا
ثمَّ أستقر التدريس بِبَغْدَاد لأبي بكر أَحْمد بن عَليّ الرَّازِيّ وانتهت الرحلة إِلَيْهِ وَكَانَ على طَريقَة من تقدمه فِي الْوَرع والزهادة والصيانة وخوطب على قَضَاء الْقُضَاة مرَّتَيْنِ فَامْتنعَ
حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الطَّبَرِيّ قَالَ حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن صَالح الْأَبْهَرِيّ قَالَ خاطبني الْمُطِيع على قَضَاء الْقُضَاة وَكَانَ السفير فِي ذَلِك أَبُو الْحسن ابْن أبي عَمْرو الشراني فأبيت عَلَيْهِ وأشرت بِأبي بكر أَحْمد بن عَليّ الرَّازِيّ فأحضر للخطاب على ذَلِك وسألني أَبُو الْحسن بن أبي عَمْرو معونته عَلَيْهِ فخوطب فَامْتنعَ وخلوت بِهِ ورفقت فَقَالَ لي تُشِير عَليّ بذلك فَقلت لَا أرى لَك ذَلِك ثمَّ قمنا إِلَى بَين يَدي أبي الْحسن بن أبي عَمْرو وَأعَاد خطابه وعدت إِلَى معونته فَقَالَ لي أَلَيْسَ قد شاورتك فأشرت على أَن لَا أفعل فَوَجَمَ أَبُو الْحسن بن أبي عَمْرو من ذَلِك وَقَالَ تُشِير علينا بانسان ثمَّ تُشِير عَلَيْهِ ان لَا يفعل قلت نعم إمامي فِي ذَلِك مَالك بن أنس أَشَارَ على أهل الْمَدِينَة أَن يقدموا نَافِعًا القارىء فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَشَارَ على نَافِع أَن لَا يفعل فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أَشرت عَلَيْكُم بِنَافِع لِأَنِّي لَا أعرف مثله وأشرت عَلَيْهِ أَن لَا يفعل لِأَنَّهُ يحصل لَهُ أَعدَاء