فعند ذلك يئسوا من كل خير وعند ذلك أخذوا في الزفير والحسرة والويل وقال أبو أمامة قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله تعالى ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه {قال} يقرب إليه فيتكرهه فإذا أدني منه شوي وجهه فوقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره يقول الله تعالى {وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم} وقال تعالى {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه} فهذه طعامهم وشرابهم عند جوعهم وعطشهم (?)

فانظر الآن إلى حيات جهنم وعقاربها وإلى شدة سمومها وعظم أشخاصها وفظاظة منظرها وقد سلطت على أهلها وأغريت بهم فهي لا تفتر عن النهش واللدغ ساعة واحدة قال أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم من أتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا له زييبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهازمه يعنى أشدافه فيقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا قوله تَعَالَى وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ الله من فضله الآية (?) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم إن في النار لحيات مثل أعناق البخت يلسعن اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفاً وإن فيها لعقارب كالبغال الموكفة يلعسن اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفاً وهذه الحيات والعقارب إنما تسلط على من سلط عليه في الدنيا البخل وسوء الخلق وإيذاء الناس ومن وقي ذلك وقي هذه الحيات فلم تمثل له (?) ثم تفكر بعد هذا كله في تعظيم أجسام أهل النار فإن الله تعالى يزيد في أجسامهم طولاً وعرضاً حتى يتزايد عذابهم بسببه فيحسون بلفح النار ولدغ العقارب والحيات من جميع أجزائها دفعة واحدة على التوالي قال أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ضرس الكافر في النار مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلاث (?) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شفته السفلى ساقطة على صدره والعليا قالصة قد غطت وجه (?) وقال عليه السلام إن الكافر ليجر لسانه في سجين يوم القيامة يتواطؤه الناس (?) ومع عظم الأجسام كذلك تحرقهم النار مرات فتجدد جلودههم ولحومهم قال الحسن في قوله تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها قال تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة كلما أكلتهم قيل لهم عودوا فيعودون كما كانوا

ثم تفكر الآن في بكاء أهل النار وشهيقهم ودعاتهم بالويل والثبور فإن ذلك يسلط عليهم في أول إلقائهم في النار قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك (?) وقال أنس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يرسل على أهل النار البكاء فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى يرى في وجوههم كهيئة الأخدود لو أرسلت فيها السفن لجرت وما دام يؤذن لهم في البكاء والشهيق والزفير والدعوة بالويل والثبور فلهم فيه مستروح ولكنهم يمنعون أيضاً من ذلك (?) قال محمد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015