قال: وهذا خطأ, لأن التكفير نوعان: أحدهما: كفر النعمة. والثاني: الكفر بالله. والكفر الذي هو ضد الشكر: إنما هو كفر النعمة لا الكفر بالله, فإذا زال الشكر خلفه كفر النعمة, لا الكفر بالله.

قلت: على أنه لو كان ضد الكفر بالله, فمن ترك الأعمال شاكرا بقلبه ولسانه فقد أتى ببعض الشكر وأصله, والكفر إنما يثبت إذا عدم الشكر بالكلية, كما قال أهل السنة: إن من ترك فروع الإيمان لا يكون كافرا, حتى يترك أصل الإيمان. وهو الاعتقاد. ولا يلزم من زوال فروع الحقيقة –التي هي ذات عشب وأجزاء- زوال اسمها كالإنسان, إذا قطعت يده, أو الشجرة, إذا قطع بعض فروعها.

قال الصدر ابن المرحل: فإن أصحابك قد خالفوا الحسن البصري في تسمية الفاسق كافر النعمة, كما خالفوا الخوارج في جعله كافرا بالله.

قال الشيخ تقي الدين: أصحابي لم يخالفوا الحسن في هذا, فعمن تنتقل من أصحابي هذا؟ بل يجوز عندهم أن يسمى الفاسق كافر النعمة, حيث أطلقته الشريعة.

قال ابن المرحل: إني أنا ظننت أن أصحابك قد قالوا هذا, لكن أصحابي قد خالفوا الحسن في هذا.

قال الشيخ تقي الدين: -ولا أصحابك خالفوه, فإن أصحابك قد تأولوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي أطلق فيها الكفر على بعض الفسوق- مثل تارك الصلاة, وقتال المسلمين –على أن المراد به كمفر النعمة, فعلم أنهم يطلقون على المعاصي في الجملة أنها كفر النعمة, فعلم أنهم موافقون الحسن, لا مخالفوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015