[الباب الثاني ذِكْرُ أَحْكَامِ أَطْفَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ] [فصل اخْتِلَافِ النَّاس حكم أطفال المشركين فِي الْآخِرَةِ]
ذِكْرُ أَحْكَامِ أَطْفَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَحُجَّةِ كُلِّ طَائِفَةٍ عَلَى مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ، وَبَيَانِ الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ.
فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى التَّوَقُّفِ فِي جَمِيعِ الْأَطْفَالِ، سَوَاءٌ كَانَ آبَاؤُهُمْ مُسْلِمِينَ، أَوْ كُفَّارًا، وَجَعَلُوهُمْ بِجُمْلَتِهِمْ فِي الْمَشِيئَةِ.
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَحَكَمُوا لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَحَكَوُا الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا يَخْتَلِفُ فِيهِمْ أَحَدٌ أَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ.
وَاحْتَجَّ أَرْبَابُ التَّوَقُّفِ بِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِمَا: " «إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ الْمَلَكُ: يَا رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَمَا الرِّزْقُ؟ فَمَا الْأَجَلُ؟ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ، وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ» ".
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " «ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: يَكْتُبُ رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشِقِّيٌّ أَمْ سَعِيدٌ» " مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.