وَبَعْثُهَا إِلَيْهِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ ذَلِكَ، وَنَفْخَهَا تُعَلُّقُهَا بِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَ الْحَدِيثِ، بَلْ إِذَا تَكَامَلَ خَلْقُ الْجَنِينِ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلِكَ فَنَفَخَ فِيهِ نَفْخَةً، فَتَحْدُثُ الرُّوحُ بِتِلْكَ النَّفْخَةِ، فَحِينَئِذٍ حَدَثَتْ لَهُ الرُّوحُ بِوَاسِطَةِ النَّفْخَةِ.
وَكَذَلِكَ كَانَ خَلْقُ الْمَسِيحِ: أَرْسَلَ اللَّهُ الْمَلَكَ إِلَى أُمِّهِ، فَنَفَخَ فِي فَرْجِهَا نَفْخَةً فَحَمَلَتْ بِالْمَسِيحِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا - قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا - قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: 17 - 19] .
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: " إِنَّ هَذِهِ الرُّوحَ الَّتِي خَاطَبَهَا هِيَ رُوحُ الْمَسِيحِ "، فَإِنَّ رُوحَ الْمَسِيحِ إِنَّمَا حَدَثَتْ مِنْ تِلْكَ النَّفْخَةِ الَّتِي نَفَخَهَا رَسُولُ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَقُولُ الْمَسِيحُ لِأُمِّهِ: أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا؟ وَكَيْفَ يَكُونُ قَوْلُهُ: {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} [الأنبياء: 91] ، أَيْ مِنْ رُوحِ وَلَدِهَا، فَتَكُونُ رُوحُ الْمَسِيحِ هِيَ النَّافِخَةَ لِنَفْسِهَا فِي