مِنْ تَعَبِ تَحْرِيكِ الْفَمِ، وَخَسَارَةِ الْمَالِ، وَعَطَّلَ مَنْفَعَةَ اللُّبْسِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَفْسَدَةِ خَسَارَةِ الثَّمَنِ، وَتَوْسِيخِ الثِّيَابِ وَتَقْطِيعِهَا، بَلِ الْأَمْرُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ فَرَضَ فِي الْإِسْلَامِ أَعْظَمَ مَضَرَّةٍ تُقَدَّرُ فِي الْمَالِ، وَالْبَدَنِ لَكَانَتْ هَبَاءً مَنْثُورًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَصْلَحَتِهِ، وَمَنْفَعَتِهِ.
170 - فَصْلٌ
[شُرُوطُ إِسْلَامِ الصَّبِيِّ] .
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: " وَالصَّبِيُّ إِذَا كَانَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ، وَعَقَلَ الْإِسْلَامَ فَهُوَ مُسْلِمٌ، فَشَرَطَ لِصِحَّةِ إِسْلَامِهِ شَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَعْقِلَ الْإِسْلَامَ.
فَأَمَّا هَذَا الثَّانِي فَلَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِهِ، فَإِنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ، وَكَلَامُهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى إِرَادَتِهِ، وَقَصْدِهِ.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ، فَقَالَ الشَّيْخُ فِي " الْمُغْنِي ": " أَكْثَرُ الْمُصَحِّحِينَ لِإِسْلَامِهِ لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ، وَلَمْ يَحُدُّوا لَهُ حَدًّا مِنَ السِّنِينَ. وَهَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ: يَعْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ إِسْلَامُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِحَدٍّ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: إِذَا كَانَ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَإِسْلَامُهُ إِسْلَامٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ