وَأَمَّا الْقَتْلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَقَدْ كَانَ مُحَرَّمًا بِقَوْلِهِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217] .
وَفِي نَسْخِهِ قَوْلَانِ لِلسَّلَفِ: فَإِنْ كَانَ لَمْ يُنْسَخْ لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ إِذَنْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْسُوخًا فَلَيْسَ فِي " الْبَرَاءَةِ " مَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ، وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَبَاحَتِ الْقِتَالَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَإِنَّهَا النَّاسِخَةُ لِتَحْرِيمِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا فِيهَا الْبَرَاءَةُ مِنَ الْمُعَاهَدِينَ، وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ، كَانَ تَحْرِيمُهُ عَامًّا، فَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ أَنْ يُقَاتِلَ فِيهِ الْمُحَارِبُونَ وَآيَةُ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهِ إِنَّمَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَبْلُ، وَلَمْ يَكُونُوا مُعَاهَدِينَ، وَإِنَّمَا عَاهَدَهُمْ بَعْدَ بَدْرٍ بِأَرْبَعِ سِنِينَ.
وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنَ الَّذِينَ تَبَرَّأَ إِلَيْهِمْ مَنْ عَاهَدَهُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأُولَئِكَ لَا يُبَاحُ قِتَالُهُمْ لَا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَلَا غَيْرِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ الَّذِي